تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

مركز الدراسات المعاصرة
التعايش بين الشعوب والأمم ضروري ومطلوب، ولا ينكره أحد على أحد، ما دام مبنيًّا على مبادئ احترام الآخر وحقوقه المشروعة والشرعية وهويته الدينيّة والوطنيّة والقومية.
أما ذاك التعايش المبنيُّ على إنكار الآخر وتدمير كيانه وتغييب روايته التاريخية، لا بل والمبنيُّ على سياسة التطهير العرقي والمذابح الجماعية، وسياسة التهجير والعقاب الجماعي، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي وتهويد المكان وتدنيس المقدسات، وملاحقة الشرفاء بالاغتيال والاعتقال، فلا!!
فالتعايشُ في واقعنا الحالي المُعاش مصطلحٌ في ظاهره الرحمة للوهلة الأولى، لكنه سلاح خطير جداً، يُستخدم في العادة لغايات وأهداف بعيدة المدى مدروسةٍ ومخططٍ لها وفق قاعدةِ "تـْمَسْكن حَتى تـِتـْمَكـّن"، أيْ نوعٌ من أنواع خداع الشعوب والجماهير؛ "ضحك على اللحى"، من خلال تسويق القوي بضاعتـَه الفاسدةَ للضعيف حتى يتمكّن منه ومن مقدَّراته، وينفـِّذَ خططه ومشاريعَه!!
التعايش، هذه البضاعة المغشوشة التي يروّج لها البعض منّا، بوعي أو بدون وعي أحيانا، ويبنون عليها الكثير من الآمال العريضة من مشاريعَ اقتصاديةٍ وانتعاش معيشي وانفتاحٍ على الآخر، وخلقِ فرص عمل وخفض نسبة البطالة، هكذا تعايشٌ مغزاه الرئيسُ تخديرُ المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني بعزله أولا عن محيطه الفلسطيني وفضائه العربي والإسلامي، والأنكى من ذلك كلـِّه نسيانُ الماضي وأحداثِه الجسام، من قتل وإبادةٍ وتدمير وتهجير، لا بل والإجهازُ على ما تبقى لهذا المجتمع من مقدَّرات، وعلى رأسها الأراضي!!
التعايش، هذه الكذبة الكبرى، لمْ نَجْنِ منها طوال أكثرَ من ستين عاماً إلا الوعودَ العقيمة، والعدمية، وغول العنصرية والتمييز في مختلف مجالات الحياة ونواحيها؛ لمْ نَجْنِ منها إلا مزيداً من مصادرة الأراضي والفقر وارتفاع معدلات البطالة وسوءِ البنى التحتية وشحِّ الميزانيات للسلطات المحلية والبلدية، لا بل وأحياناً القتلَ والتنكيلَ بالشبان العرب على الهُويّة، والممارساتِ المذّلةَ على المعابر الجوية والبريّة!!
التعايش، هذه الكذبة الكبرى، عادوا يروّجون لها هذه الأيام، بعدما أفشلوه هم بأيديهم، في هبة القدس والأقصى، وبسياساتهم المذكورة، بأساليبَ جديدةٍ وشعاراتٍ برّاقةٍ خدّاعة ومغرية في نفس الوقت للبعض منّا، لا لسواد عيوننا، ولا للتكفير عن خطاياهم على مدى أكثرَ من ستين عاماً خلت، وإنما للإجهاز على بقية ما لدى هذا المجتمع من وسائلِ تجذّرٍ وصمودٍ في هذا الوطن!!
فأهلا، ونعم، ومرحباً للتعايش الصادق بين الشعوب والأمم في الظروف الطبيعية، ولا، ألفُ لا لتعايشٍ كاذبٍ يُلغي حقوق الشعوب ويُلغي رواية الآخر!!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق