تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ


الشيخ عبد الرحيم خليل



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:


* قال الدكتور عمر سليمان الأشقر في مقدمة بحثه عن بدء الحياة ونهايتها: "والذي هوّن أمر الكتابة شيئًا ما أنني أعتبر ما أكتبه هنا ليس أمرًا نهائيًا بل هو أمر أوليّ قابل للأخذ والعطاء والقبول والرفض، بل قابل لأن أتراجع عنه، فهو ورقة أولية تعرض لتناقش من العلماء والأطباء ثم تقوم بعد ذلك في ضوء الحوار الذي يتم".


* قال الدكتور عارف علي عارف، حينما تحدث عن قضية استخدام خارطة الجينات قبل التأمين في شركات التأمين أو التوظيف: والذي أنتهي إليه هو أن مثل هذا الأمر الحيوي والخطير لا ينبغي أن يستقل به تفكير فردي بل يحتاج إلى جميع التخصصات اللازمة بتعاون الأطباء والباحثين في مختلف العلوم المتعلقة بالموضوع، ثم قال: ولا بأس أن يكون هذا البحث بمثابة البداية لمعالجة هذه القضايا الخطيرة ريثما تعرض على المجامع الفقهية وبالتعاون مع أهل الاختصاص وفق الضوابط والمعايير الشرعية.


* قال الدكتور عبد الناصر أبو البصل حينما تحدث عن الهندسة الوراثية: ومع هذا كله أرى عرض المسألة من جديد على المجامع الفقهية فإن أقرّته عُمل به وإن منعته التزمنا بالجماعة وقرار الجماعة.


إذًا هذا ما ينبغي أن يكون؛ يُعرض الاجتهاد الفردي المعاصر على المجامع الفقهية، فإن أقرته عُمل به وإلا فلا.


أما أن يغنّي كلّ على ليلاه فهذا يعني واحدا من الأمور التالية أو أكثر:


1. الحيرة والاضطراب عند بعض الناس.


2. تتبّع رخص الفقهاء بالتشهّي، وهو ممنوع اتفاقًا.


3. الاستهانة بالفقه والفقهاء والإفتاء، وهذا ضلال.


4. شيوع آراء مخالفة لأهل السنة والجماعة في الفروع والأصول، وهذه كارثة!


ولو أن متخصصًا مؤهلًا في الأدوية في دولة ما وصل إلى تركيبة دواء لوجع الرأس، فهذه الدولة لا تعتمد هذا الدواء إلا بعد فحصه من هيئة متخصصة تجري الفحوصات والبحوث الدقيقة ثم تعتمد الدواء بعد ذلك، وفي بعض الأحيان هناك أكثر من هيئة تعتمد الدواء قبل نزوله إلى السوق.


إذا كان هذا في دواء وجع الرأس، ففي أدوية الأنفس والمجتمعات ومصالح الدنيا والآخرة أوْلى! لقد أضحى الاجتهاد الفردي المعاصر كلأ مباحًا لمن شاء، ففي كل فج صائح وفي كل فضائية "رادح"، فلمن تستجيب؟ ومن تتّبع؟ وما الحل؟



الحل: لا تتّبع الآحاد ولا تتبع الأفراد


والخلاصة:


أ- كما أننا لا نتناول الطعام بطريقة "من الطنجرة إلى الحنجرة"، وكما أننا لا نتناول دواء بمجرد أن يقول قائل لقد اخترعت دواء كذا؛ كذلك بل من باب أوْلى ألا نعتمد الاجتهاد الفردي المعاصر مباشرةً...


ب- كبار فقهاء العالم الإسلامي الذين توفّرت فيهم شروط الاجتهاد وكتبوا بحوثًا تفصيلية في المسألة المطروحة تبقى اجتهاداتهم موضع بحث ونظر من قبل المجامع الفقهية والمراكز البحثية والمجلات الفقهية المحكمة والمتخصصين، ولا يفتى بها إلا إذا وافقت أحد المذاهب الأربعة أو تبنّاها مجمع من المجامع الفقهية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق