تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

لربما يرى البعض كتابتي هذه السطور وقاحة أو تماد لا أخلاقي ، وأراها هامة ضرورية لمنع كوارث إنسانية سببها الإنسان ذاته حين تهوج مشاعره ويفقد القدرية على التفكير بعقله ليقتل نفسا بغير حق ولا ذنب اقترفه ، إنما لظلم البشر واستبدادهم.

أحداث القصة التي أسردها هنا حقيقية واقعية حدثت في إحدى مدن بلادنا ، ذهلت حين رأيت حيثياتها صدفة عند تواجدي ، لم أتوقع عدم ثقة الزوج بزوجته التي اختارها وسأل عن دينها وخـُلقها ، خـَلقها ونسبها.
القتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة ظاهرة مقلقة مقيتة ، يجب اقتلاعها من جذورها ، علاجها ليس مرحلي بل يبدأ قبل الوصول لاتخاذ القرار. فقتل البنت، الأخت أو الزوجة لم لن يحل مشكلة بل زاد العائلة عارا وفرقة ، لتنبذ ويؤثر سلبا على بناتها وأخذ فكرة مسبقة عنهن جميعا بلا رحمة أو شفقة ، فمجتمعنا يتقن القيل والقال وابتداع القصص والاتهامات الباطلة.

قبل الإقدام على القتل ليقف الأب والابن وقفة صدق مع أنفسهم ، ليسألوها لما وصلت ابنتهم لهذه المرحلة ، أين كانوا حين احتاجت لمن يقف جانبها ، يعلمها ويربيها ، يعينها على عبور مرحلة المراهقة بسلام ووعي ولا ضرر ، فالعواطف الجياشة قد تصرف في غير مكانها ، طريق باتجاه واحد بلا مخرج ، إن دخله الفرد يصعب عليه الخروج فلا عودة للماضي ولو قرب ، ما مضى كتب ولن يعود ، أما نتائج الاختيار فتقطف ثمارها إما حالا أو بعد حين. فيحاول الفرد الكف عن انزلاقه وترميم ما يمكن ترميمه من دمار أحله.

على الوالد أن يختار زوجة صالحة لتربي أولاده وبناته على تعاليم الدين والخلق الحسن ، فتترعرع البنت والابن لهم أسس راسخة ثابتة صلبة، يترعرعوا على الخير وطاعة الله ، يختاروا أصدقاء الخير بعيدا عن رفاق السور ، فالمرء على دين خليله. يتابع ابنته ويتحدث معها حول أمور الدنيا ليتعاونوا معا كجسد واحد في ظل الذل والهوان والانحلال الاجتماعي ، فان سار الوالد بهذه الطريق يحافظ على نفسه وأولاده فيبني المجتمع ويقويه ليقدم به ، لا أن يكون أبنائه عبء على الأمة.

حديثي عن الفتاة لا يعني تجاهلي للذكر ، فنظرة المجتمع أن يحق للشاب بناء علاقة محرمة أمر طبيعي ، متذرعين بان المجتمع ذكوري فيحق للرجل ما لا يحق للمرأة ، بنظري الأمر مغلوط يجب محاربته ، فما ينطبق على الأنثى ينطبق على الذكر كذلك في هذا الباب.

حين تواجدت في قسم الطوارئ بمدينة من مدن بلادنا، رأيت رجلا يدخل ومعه شابة وامرأتين كبيرتي السن ، استغرب الطاقم الطبي فلم يروا مريضا بينهم ، صرخ الرجل أريد طبيبة نساء ، سألوه فأجاب أريدها أن تفحص زوجتي ، دخل معه زوجته ( تزوج قبل يومين من قدومه للمشفى) أمه وحماته ، قاموا بتعبئة استمارة دخول للمشفى، زوجته قلقة مرتابة ، تقول أن شريفة ، أنا بريئة ، أنا تربيت على الدين والأخلاق ، أمها وحماتها مرتبكة ، دخلت الطبيبة لتذهل من سبب قدومهم ، لم تصدق ما تسمع .

جاء الرجل لأنه يشك بخيانة زوجته له قبل الزواج ، مكتشفا الأمر ليلة زفافه ، ظن أن زوجته أقامت علاقة جنسية مع غيره ، ليُجن جنونه وتقلب حياته جحيم بعد أحلام وردية رسمها.

بدأت تراود الطبيبة أفكار غريبة ، تسمع عنها في الأخبار ، حول ازدياد القتل على قضية شرف العائلة ، أجرت فحوصات واسعة للزوجة التي تكاد تنهار لخوفها ومحاولة إظهار براءتها . بعد بضع ساعات وصلت النتائج ، ابتسم الرجل ابتسامة عريضة وانفرجت أساريره ، بكت الزوجة ، أمها وحماتها ، جو مشحون تلاشى ، نتيجة الفحوصات أن زوجته ولدت بلا غشاء بكارة.

كادت تقتل على قضية شرف العائلة ولم تقترف ذنبا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق