يعيش أحدهم وحيدا على جزيرة نائية ، يستيقظ كل صباح ، يغسل وجهه بالمياه الصافية النقية ، ويأكل الفواكه والثمار التي يجدها أرضا تحت الأشجار.
استفاق ذات يوم كعادته ، غسل وجهه ، لكنه لم يجد ثمارا على الأرض ، نظر ليجد الأشجار مثمرة مليئة ، فكر قليلا ، واستنتج أنه عليه تسلق الشجرة كي يقطف الثمار.
يربي الأب أبنائه ، يغذيهم جسديا وفكريا ليترعرعوا وينموا على البذرة الطيبة والأساس القوي المتين ليعينهم تحمل مشاق الحياة ، الفوز بها والخروج منها بأكبر فائدة ، يلقمهم منذ صغرهم أن الحياة مدرسة خبرتها لا يكتسبونها في مكان آخر سواها ، ليتحدوها قاهرين غير مقهورين ، مهما بلغت ذروة صعوبة المرحلة.
مرحلة الدراسة الثانوية مصيرية لتقرير مستقبل الفرد ، ففيها يختار درب حياته ، أيّ موضوع يَوَدّ الدراسة ، أيّ صَنعة سَيكتسِب ، ووفق ذلك يحصد النتائج الملائمة له مُحاولا التميز بكل جُزء ليتفوق ويتوفق باختياره.
ليحصل الطالب على الشهادة يكد ويتعب ، شهادة إنهاء الثانوية لن يجدها ملقاة ليلتقطها ويكمل المسير ، إنما سيجدّ ويتسلق الشجرة ليقطف النجاح تلو الآخر ، وكلما تشجع وصعد يقطف أكثر وأكثر ليقترب من القمة الشاهقة الفارعة ، يبحر بين أمواج صفحات الكتب يقلبها يمينا ويسارا ، يتقدم لامتحانات تظهر مدى اجتهاده ، تعبه وسيطرته على المواد ، يقدر الجد والاجتهاد يحصل على علامات تــُكون شهادة ورقية ترسم له الخطوط العريضة لمسيرة حياته.
والده يعينه، يدعمه ، يهيئ له الظروف ، يوفر كل اللوازم والمتطلبات ، يطالبه بالتعويض مقابل خدمته له ، التعويض عبارة عن نجاح واستغلال الظروف بأفضل وجه وحصد النجاح . من الطلاب من لا يجد دعما من والدٍ فيأتي دور المدرسة لإعانته ، وعليه بذل جهد أكبر لسد الفروقات عن زملائه.
دور الأهل مهم ، لكن يجب ترتيبه وتحديده ، كي لا يبقى الشاب متعلقا بأهله باقي حياته ، وأن يتمكن من تكوين شخصه والاعتماد على ذاته ، على الأهل تجهيز أبنائهم لمرحلة الانتقال لتكون عواقبها ضئيلة وأقل ضررا على فلذات كبدهم، فان كان الانتقال بغتة يضيع الابن ولا يعلم أين هو وماذا عليه أن يصنع.
يعمل الشاب لينجح في المرحلة الحالية التي يعيشها كي يصل المستقبل الزاهر ، لا أن يفكر غالب وقته بالمستقبل وينسى الطريق الصعبة المليئة بالمعيقات والصعوبات والأشواك فيقع ولا يصل المستقبل . حتى يقبل للدراسة الجامعية عليه الدراسة والنجاح بالامتحانات ، لا أن يضع نصب عينيه دخول الجامعة ويبقى يفكر بذلك متجاهلا الحاضر، فيفشل في الحاضر ولا يتمكن حينها من بلوغ الهدف والمستقبل بالدراسة الأكاديمية ، لان الحاضر مفتاح باب المستقبل إن أضعناه لن نفتح الباب.
كسائق سيارة وصل إشارتين ضوئيتين متتاليتين، رأى الإشارة الثانية خضراء فأراد الإسراع لعبورها ، متجاهلا الإشارة الأولى أمامه ، وهي حمراء ، فضغط على الفرامل وتوقف ، فقد عرف أنه لبلوغ الإشارة الثانية عليه الانتظار في الإشارة الأولى وعندما تهيئ الظروف ويمر الأولى يصل الثانية.