تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

شادي أبومُخ - باقة الغربية



قالوا سابقا أن السياسة لعبة قذرة، يعمل داخلها أناس يستغلون أبسط الأمور لتحقيق مآربهم وتسجيل نقاط إضافية لصالحهم ضمن مضمار تشتد منافسة المشاركين وتعلوا أصواتهم وحروف كلماتهم.

يقاتل السياسي ويصرخ لإيصال فكرته عبر الوسائل المعنية بطريقة يلائم مقالها بمقامها، يهاجم ويصد مدافعاـ يقترح مبادرا ويعترض رافضا ، القبول والرفض لا يبنى على الحق أحيانا كثيرة إنما للوصول لشعبية جماهيرية وقاعدة اقتنعت وتبنت حمله.

تبرير المواقف مطلب الشارع فالغاية لا تبرر الوسيلة عند الاعتداء ، الضرب والتهديد، التعرض والقتل ، المسيطر صديق المعتدي فيتيح له التصرف خرقا للقوانين المعترف عليها دوليا، يعطي شرعية لأعماله ما لها من سلطان ، أعمال مرفوضة قطعا ، حفاظا على البشر بالعيش الكريم المطمئن في بيوتهم وعلى أرضهم ، يصطادون سمك طازج يملئ البحر ، يتنفسون هواء حرا يعبر حدودا رسمت على خارطة حطت أرضا فاصلة الشرق والغرب، الشمال والجنوب ، حاصرة مجموعة أناس كبيرة تسكن بيوتا مكتظة بلا مقومات حياة أساسية.

الحدود الشمالية والشرقية أغلقت ، البحر الإقليمي اغتصب غربا ، الحدود الجنوبية شهدت بناء جدار فولاذي يفصل رفح الأخوة لحفظ أمن الجنوبي شارب ماء النيل الجاري، قاطعا العلاقات الإنسانية وأمل مريض بالشفاء داخل مشفى لا معدات طبية فيه.

طفل فقد والده وإخوته يعيش وأمه مع جدته ينام جائعا ينتظر بزوغ فجر جديد فبزغ فجر مألوف المظاهر والمعالم كسابقه ولا حول لراعيته فتعلمه الصبر والتغلب على الصعاب بانتظار قدوم منقذ يفك كربهم ويتكرم بمساعدتهم.

حفروا الأرض و"هربوا" عبر الأنفاق الممتدة آلاف الأمتار لقلب مصر بضع أمتار عمقا ، أدخلوا الطعام والملابس، مواد البناء وحيوانات يستفاد من لحمها ولبنها، مات حافر الأنفاق اختناقا أو بانهيارها، خاطروا بأنفسهم لسد حاجة بعض سكان القطاع ، فئة واسعة لم تحصل على المواد وأخرى حصّلت القليل، فحاجة مليون ونصف محاصر في غزة هاشم لن يطفئ لهيبها نفق قطره متر.

كارثة إنسانية ، مأساة عائلات ، قصة صمود ، رباط وثبات ، لا طعام ولا شراب ، لا مدارس مهيأة ولا ملاعب ، عشرة أنفار يقطنون غرفة وحمام ، بيوت من ألواح حديدية شديدة الحرارة صيفا كفرن للخبز ، شديدة البرد شتاء لا تقي ساكنها المطر وقرص البرد ، الحيوان لا يجد عشب أخضر وقطة عاثت القمامة فلم تجد عظمة أو لبنا ، لتتضامن مع أم وَلدت قبل أيام تحاول إرضاع رضيعها ولسوء تغذيتها لان ثلاجتها فارغة لا تسد حاجته فيبكي ويبكي.

جهزت سفن وأسطول بحري لكسر الحصار فهوجم وصودرت محتوياته ، قتل ، أصيب واعتقل أفراده، صبي يحمل باقة ورد عاليا ، غطت الأمواج كتفه يرقب صباحا قدوم سفينة مرمرة ، فتمرر سمعه بصوت الرصاص وآهات المصابين ، اخترق أذنه صمت ميت خرجت روحه بإذن بارئها ففارقت الجسد راضية الموت في سبيل الله لأجل مساعدة المحاصرين ، صبغ البحر بالأحمر واحمر وجه العرب عارا.

يخرج مسئول ويقول بجرأة ، بل هي وقاحة ، لا تقلقوا فغزة بخير ، لا كارثة إنسانية فيها ، فإنهم يهربون عبر الأنفاق ما يكفيهم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق