تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

الاستاذ عبد الرحيم كبها - ام القطف


ان ما وصل اليه مجتمعنا اليوم من الانحطاط وسوء الحال لهو امر تنقلب فيه الليالي الطوال وعيوننا لا تعرف النوم.لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه؟ لاننا نجد انفسنا خلقنا لزمان لم نستعد له, وجدنا انفسنا في عاصفة هوجاء تقض مضاجعنا وصدق فينا المثل القائل "في الصيف ضيعت اللبن".
وهنا اعود بذاكرتي زمنا ليس ببعيد اتذكر وجه امي رحمها الله وكانت انسانة مؤمنة بكل بساطة الايمان تراعي كل تقليد تربت عليه مطيعة لزوجها محافظة على صلواتها راعية لبيتها مبتسمة لقسوة حياتها .انظر حولي اليوم واذ بالتمرد الحاصل على التقاليد والعادات والشرع, والتمرد على سلطة الاباء واولياء الامور والمعلمين. اين المعلم الذي كان يعلمنا في الصف صائحا آ اب "أب" ونحن نردد وهو يحمل عصاه بيده يعاقب على الخطأ والصواب ولم نمتلك الشجاعة لنشتكيه الى اولياء امورنا.
وجاء هذا العصر الذي لم نستعد له، عصر عبادة المال واللهاث وراء المادة لانني وللاسف ارى كثيرا من الناس يبيعون انفسهم للمال ويفرطون في فضائل الاخلاق مقابل المال حتى المتسولون اليوم لا يتسولون كي يسد المال حاجاتهم وانما صار التسول عندهم حرفة لان المال صار هو الغاية.
طالعتنا الصحف والمواقع الاسبوع الماضي ان مواطنا مقدسيا يملك عقارات مقدسة في باب العامود وان ديونه وصلت الى 35 مليون دولار سألت نفسي نعم انه مال مقدس ويجب ان يبقى في يد المسلمين ولكن كيف وصل هذا الدين الى هذا الحد علما ان بعض الدول الافريقية لا تتعدى ميزانياتها الـ100 مليون دولار, فكيف اصبحت تساوي ثلث دولة في الدين.ومن تجربتي عرفت ان عنصر الدين في الحياة من اهم اسباب السعادة وفي هذه الايام نجد ان الدين تؤخذ منه القشور. ان الاحلاص في الدين هو اهم عنصر من عناصر الحياة والايمان الحقيقي يملأ فراغ النفس ويبث الطمأنينة ويوطد العلاقات الاسرية والالتزام تجاه الوطن والامة.
ان الانانية المفرطة تضطرك للاعتقاد ان عليك ان تستغل عائلتك القريبة اولا وتستفيد اكبر قدر مادي منها مقابل اقل ما يمكن من العناء هذه الانانية تعمي البصيرة وتجعلك لا تفرق بين حلال وحرام.ان انعدام المثل العليا التي يمكن تقليدها امام الشباب اليوم وغياب العدل والصدق والنزاهة والاخلاص والشهامة والنخوة لهو احد الدوافع الرئيسية التي دفعت هذه الامة الى حافة الهاوية . ان افراد المجتمع اصبحوا كاللصوص يتخطفون الغنائم وكالوحوش في الغابة.
ان عيش كل فرد لنفسه هو الجحيم بعينه, ان السأم والملل والحيرة والقلق وانعدام الرؤية انما هو نتيجة حتمية لسيرنا ضد نواميس الكون.ان عيشنا وحياتنا هي امور متبادلة علينا ان نعيش نعم لانفسنا وان نحب الخير لانفسنا لكن في الوقت نفسه لا ننسى الاخرين . لقد عاش المجتمع المسلم اكثر من 13 قرنا مجتمعا لا تؤثر فيه اعاصير الحياة من المجتمعات غير المتدينة ولكن ومنذ حوالي 150 عاما بدأت براعم الحياة التي يطغى عليها الاختلاط تتسلل الى مجتمعاتنا المدنية اولا ومن ثم انتقلت بالعدوى الى براري الريف وقفار البداوة.
ان اشد الاخطار علينا كمجتمع هو التقليد الاعمى للمجتمعات غير المتدينة في لهوها كما اننا لا نقلدها في علمها لان الحياة ميزان فيها اللهو وفيها الجد فيا ايها الشباب هل فكرت ان تتخصص باحد العلوم المتقدمة؟ كلنا نجيد الغناء والرقص اين مهندسو المياه؟ اين مهندسو الحياة البيولوجية؟ اين علماء الفيزياء والكيمياء وعلم التشريح ؟...... اننا لا نريد الاعتدال بين الجد والهزل بين الرخاء والمسؤولية, ان اللهاث وراء اللذات المادية وحده يجعلنا حيارى لان اللذات في هذه الحياة متعددة قد يكون اولها اللذات المادية وقيمتها ان نعتدل في طلبها وهناك لذة التعلم والتفكير ورياضة العقل وكذلك لذة تحقيق الذات وتحقيق فكرة سامية.
نحن حيارى لاسترخاص حياة البشر
نحن حيارى امام الجرأة على المحارم
نحن حيارى امام الاعتداء على المقدسات
نحن حيارى لانعدام الافق والتخطيط لمستقبل افضل
نحن حيارى في قول علي بن ابي طاالب كرم الله وجهه "قصم ظهري اثنان عالم متهتك وجاهل متنسك"
نحن حيارى امام انجذاب شرائح من شبابنا وراء بريق ولمعان الموضة الخادعة
نحن حيارى امام النيام الذين لا تثيرهم دعوات المؤذن في صلاة الفجر "الصلاة خير من النوم"اسأل الله العظيم لنا ولكم العافية

0 التعليقات:

إرسال تعليق