تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

يشغل عثمان وظيفة متواضعة في شركة بجانب مكان سكنه ، يكسب ما يكفيه ليعيش بكرامة لاسيما وان زوجته تعمل ، تزوج عثمان قبل عشرين عاماً وأنجب ثلاثة أبناء ،أكبرهم بدأ يدرس علم الإجرام ، أخويه طالبين في المرحلة الإعدادية .

وظيفته تعرضه لعدد كبير من الناس ، متعبة ومسئولياتها كثيرة ، يعود مرهقاً مساء ، يرى أولاده أحياناً ويعجز أحياناً ، عطلته الأسبوعية يومي الجمعة والسبت ، يستغلها يجلس مع العائلة ويزور أمه وإخوته ، توفي والده بسرطان الأمعاء منذ عقد زمني ، تربطه بوالده علاقة طيبة ، فيزورها صباح كل يوم عند توجهه للعمل ، تمتعت والدته بصحة جيدة رغم كبر سنها ، تجاوزت الثمانين ، تنظف البيت وتطهي الطعام منتظرة فلذة كبدها ، ذكوراً وإناثا .

مضت الأيام وكبر أولاده ، تخرج الكبير وبدأ أخويه الدراسة الأكاديمية ، خرج عثمان كعادته للعمل ، مر وشرب كاس شاي عند والدته ، توجه للعمل ، اعتلت الشمس كبد السماء ، رن هاتفه النقال ، صعق بخبر وفاة والدته ، سكتة قلبية ، انهار ليجد نفسه على سرير المشفى ، ختم على ورقة تقضي مسئولية خروجه من المشفى قبل إنهاء العلاج ، فعل ذلك ليلحق بالجنازة ويودع والدته ، قبلها وودعها ، لم يتمالك نفسه وأغمي عليه جانب القبر ، نقل للمشفى ، نتائج الفحوصات أظهرت إصابته بانهيار عصبي ، يتطلب وضعه راحة تامة وتناول دواء مهدئ .

بعد فترة نقاهة استمرت شهراً عاد عثمان للعمل ، قلل عدد ساعات عمله ، لم يقلقه الوضع الاقتصادي ، ابنه الكبير توظف ويحصل أموالاً طائلة ، تفرغ عثمان لعائلته وخصص لها ساعات أخرى ، يتعاطى المهدئ ، مرت أربعة أعوام ، اشترى أرجيلة ليدخن في البيت ، يتهرب من العمل ، ضعف جسده لعدم رغبته تناول الطعام يفضل النوم ولا يقدر إغماض عينيه ، يسمع أصوات غريبة وقت جلوسه وحده ، يرتعد ويخاف ، تراوده أفكار مرعبة ، كوابيس تقلق راحته ، توجه للطبيب النفسي في صندوق المرضى ، حدثه ما جرى ، فقام بمضاعفة كمية مادة الأدوية وزيادة أنواعه .

لم يتغير حال عثمان ، بل ازداد سوء ، استفاق من نومه فجأة ، توجه لصالة البيت ، اعد فنجان قهوة ودخن الارجيلة ، خاف بلا سبب ، فتح خزانة الأدوية وتناول حبة مهدئ ، رضخ لنفسه ، سيطر عليه الشعور بسوء حاله وحياته فلا معنى لها ، أن يقتل نفسه خيراً له ، ابتلع عشرين حبة دواء ، القي أرضاً مغمى عليه ، استفاقت زوجته ، رأته ظنته نائم ، قالت قم لعملك تأخر الوقت ، لم يجبها فاتصلت بالإسعاف لنقله للمشفى ، استفاق هناك ، التقطه الطبيبة النفسية ، ندم على فعلته ، قال لم اقصد ولم أفكر من قبل بقتل نفسي ، أحسست بوجوب ذلك في تلك اللحظة فقط ، ما زال تحت تأثير الدواء ، تلقى العلاج اللازم ، تم تحويله لقسم الأمراض العقلية ، تبقى زوجته جالسة تقرأ ورقة كتبها قبل إقدامه على فعلته يكتب ملله من الحياة ويأسه ، عاش أيام جميلة مع زوجته وأولاده ، لكن الظروف قهرته واضطرته لمحاولة إنهاء حياته والانتحار .

3 التعليقات:

يا للأسف .. والله قصة محزنة أخي شادي
بوركت

نسأل الله ان يحفظنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم ,
هل هذه قصة حقيقة سمعت عنها او مر احد معارفك بها؟

السلام عليكم

لا ليس قريب

القصة واقعية مع بعض الاضافات

وهناك قصص أخرى كثيرة اصادفها خلال عملي ودراستي ، لكن لا يصح رواية القصة فادمج عدة قصص أو أن أضيف أمور على القصة لكن الهدف من القصة لا يتغير

إرسال تعليق