تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

حين طرحت على أحدهم فكرة توحيد لجان الزكاة في المدينة ابتسم ابتسامة عريضة ، قال انم تحلم يا فتى ، هذا لن يحدث بتاتا مهما حاولنا ، فلجان الزكاة سُلطة وقوة ، ولا أحد يتنازل عن سُلطو هِيَ بيده ، كل مجموعة ترى بنفسها الأفضل والأقدر على توزيع أموال الزكاة مناصفة بين محتاجي الزكاة ومن يجوز أن نتصدق بأموالنا لهم.

عدد العائلات المستورة يتضاعف في ظل الوضع الإقتصادي الراهن ، خاصة العائلات التي لجأت للمدينة ، فتتقدم بطلب للجان الزكاة المتعددة فتحصل على المال من كل اللجان أو غالبها ، فلا تنسيق بين اللجان ولا تدري لجنة في أي ميدان وأي عائلات ترعى وتدعم اللجان الأخرى.


عدد لا بأس من العائلات تكتم وتتستر على وضعها الإقتصادي ، فعزة نفسهم لا تسمح لهم أ، يمدوا يدهم ويطليبوا العون والمساعدة من مال المسلمين وله فيه حق ، وان المسلمين كالبنيان الواحد يسهرون لراحة اخوانهم ولعونهم ، وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } ، وفيهما عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه} ، يتستر على وضعه ولا يعلم به أحد وللعيان يظهر أنه يعيش بشكل جيد أو مقبول كباقي العائلات ، فلا يحصل على الزكاة من أي لجنة رغم أنه بأمس الحاجة لعيل أهله.


فوفق فتاوى اللجنة الدائمة في السعودية ذكر تعطى الزكاة لمن فرضها الله لهم بقوله سبحانه: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} ولا تعطى إلا لمن تحقق إسلامه ظاهراً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم» وكلما كان المعطى من الفقراء والمساكين أتقى وأكثر طاعة فهو أولى من غيره. والأصل في الزكاة أن تصرف في فقراء البلد التي بها المال للحديث المذكور، وإن دعت حاجة إلى نقلها كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء أو نحو ذلك جاز النقل.


ان تحرج المحتاج طلب الزكاة من اللجان فلا بد أن جاره أو أخاه يرى حاله ويعلم بوضعه ، فبامكانه أن يساعده ويتزكى عليه وبهذا لا يُكشف أمر الرجل ، فكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة" (أخرجه أحمد، والنسائي، وغيرهما) . وقد ورد كذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني شقيق عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضي الله عنهما قال فذكرته لإبراهيم ح فحدثني إبراهيم عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواء قالت كنت في المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال تصدقن ولو من حليكن وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها قال فقالت لعبد الله سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة فقال سلي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت امرأة من الأنصار على الباب حاجتها مثل حاجتي فمر علينا بلال فقلنا سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري وقلنا لا تخبر بنا فدخل فسأله فقال من هما قال زينب قال أي الزيانب قال امرأة عبد الله قال نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة .


فبامكان الفرد التصدق على قريبه ، وان كان لا يستطيع فعليه أن يتوجه للجان الزكاة المحلية ويطلعهم على أسماء من يعلم من اهل البلد ممن هم بحاجة للمال وتجوز الزكاة عليهم ، وبهذا يكون مسح لجميع أبناء المدينة والاحياء ، وتتمكن لجان الزكاة من الوصول لكل بيت محتاج وتساعده ليفرحوا بالعيد كباقي العائلات ، لجان الزكاة متعددة ، وأهل الخير كثر والحمد لله ، فالأموال متوفرة ، وما يقبع في خزائن لجان الزكاة يكفي أهل المدينة كافة ، لذلك فأدعوا لجان الزكاة بأن توحد قوائمها ، لا أطالبها أن تتوحد ، إنما أن توحد قوائمها بحيث تشمل كل المحتاجين في المدينة ، وأن يتم العمل بتنسيق ، اقسم بالله أن ذلك لن ينقص من قيمة أو قدر أي لجنة منهن ، بل سيزيد ثقة المواطنين بها ، يتم مسح الحارات والاحياء وتقسم على اللجان وبهذا نصل للجميع بأقل وقت ومجهود.


نقطة أخرى تحدثنا عنها هي تقديم صدقة الفطر ، خاصة في هذا العام إذ أن افتتاح العام الدراسي قريب ومتطلبات المدارس كثيرة من كتب وأدوات قرطاسية وملابس وغيرها ، فقالوا لربما نترك صدقة الفطر لحين الفطر ويقوم الناس الان بالتصدق وكسب الأجر يتصدقوا في سبيل الله والله يضاعف لمن يشاء ، في البداية ظننت أن الأمر ممكن بأن تقرب صدقة الفطر لبداية الشهر فوجدت في موقع إسلام ويب ما يلي : مسألة : قال وإن قدمها قبل ذلك بيوم أو يومين ، أجزأه وجملته أنه يجوز تقديم الفطرة قبل العيد بيومين ، لا يجوز أكثر من ذلك . وقال ابن عمر : كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين وقال بعض أصحابنا : يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر ، كما يجوز تعجيل أذان الفجر والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل . وقال أبو حنيفة : ويجوز تعجيلها من أول الحول ; لأنها زكاة فأشبهت زكاة المال . وقال الشافعي : يجوز من أول شهر رمضان ; لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه ، فإذا وجد أحد السببين ، جاز تعجيلها ، كزكاة المال بعد ملك النصاب . ولنا ، ما روى الجوزجاني : حدثنا يزيد بن هارون . قال : أخبرنا أبو معشر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر به ، فيقسم - قال يزيد أظن : هذا يوم الفطر - ويقول أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم " . والأمر للوجوب ، ومتى قدمها بالزمان الكثير لم يحصل إغناؤهم بها يوم العيد ، وسبب وجوبها الفطر ; بدليل إضافتها إليه ، وزكاة المال سببها ملك النصاب ، والمقصود إغناء الفقير بها في الحول كله فجاز إخراجها في جميعه ، وهذه المقصود منها الإغناء في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت . فأما تقديمها بيوم أو يومين فجائز ; لما روى البخاري ، بإسناده عن ابن عمر ، قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان . وقال في آخره : وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.وهذا إشارة إلى جميعهم ، فيكون إجماعا ،ولأن تعجيلها بهذا القدر لا يخل بالمقصود منها ، فإن الظاهر أنها تبقى أو بعضها إلى يوم العيد ، فيستغنى بها عن الطواف والطلب فيه ، ولأنها زكاة ، فجاز تعجيلها قبل وجوبها ، كزكاة المال والله أعلم.


لذلك فأناشد أهل الخير في هذا البلد الطيب أن يخرجوا زكاة أموالهم وأن يتصدقوا ويعينوا المحتاج ، وأسأل الله أن يبارك لهم في أموالهم ، وزكاة الفطر لا ينتظروا حتى الصلاة فيخرجوها قبل الفطر بيومين أو اثنين حتى يتسنى توزيعها بالوقت المناسب ليفرح الحاصل عليها ويحتفي ويحتفل بالعيد كباقي المسلمين ويفربح أطفاله . وأختم بأن أدعوا لجان الزكاة أن توحد قوائمها وترتبها وأن تتعاون على ذلك فان هدفها جميعا هو ذاته ، فليحصل الجميع على المال بلا تفريق ولا تمييز ولا اهمال ، ولنرسم الابتسامة على وجه طفل حين يشتري له والده له الملابس والالعاب من مال المسلمين ، ولتكن مائدة أفطارهم ملائمة لهم تسد حاجتهم وتغنيهم وتغذيهم لتعينهم على الصيام والصلاة والقيام، لنقدم لهم المال والمواد التموينية وكل ما يحتاجه البيت من مسلتزمات ، فانما المؤمنون أخوة ، والايام تمر ولا يدري امرئ ما حاله غدا ، فلربما ينقلب الحال ويحتاج هو للمال ، وان زكى ماله ففي ماله بركة ان شاء الله ويبارك الله له فيه . وفي الحديث من صحيح مسلم ورواه عبد الله بن عمر أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال : { المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه . من كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته . ومن فرج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة . ومن ستر مسلما ، ستره الله يوم القيامة } ، وفي سنن أبو داود في الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه} .


يقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة : مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. ( 261)

4 التعليقات:

من اين لجا الناس الى باقة؟

قل للشيخ كمال يوحد لجنة زكاته مع لجنةزكاة عبد الله صرصور :)

حديثي ليس عن اللاجئين عام 48 من قرى الشاطئ وأرض الروحة ومرج بن عامر ، انما اقصد من قدم حديثا سواء من الضفة الغربية أو المدن المختلطة كيافا والرملة ، ومن أهل البلد من هم بحاجة للمال ، مال الزكاة .


لم اسمع بلجنة زكاة اسمها لجنة كمال خطيب ، ولم اسمع بلجنة زكاة اسمها لجنة زكاة عبد الله صرصور

وين هظول بجين اخوي ؟

هل هناك ظاهرة هجرة من المدن المختلطة؟

ظننت ان الاتجاه بالعكس

ولماذا بالذات الى باقة؟

السلام عليكم

نعم هناك ظاهرة هجرة من المدن المختلطة لعدة أسباب منها الضائقة المعيشية والتضييق ، فيقوم الفرد باختيار منطقة معينة ليسكن فيها ، باقة احدى المحطات وليست الوحيدة التي تستقطب الناس ، كما وان من سكان المختلطة في الشمال من يسكن هنا بحثا عن اماكن وامكانيات عمل.

اما بالنسبة لابن باقة الذي يسكن خارج حدودها فاما ان يكون ذلك في المهجر ليعمل او في الداخل الفلسطيني في المدن المختلطة كالقدس الشريف او في تل ابيب وذلك للعمل على ان يحافظ على الرابط بينه وبين المدينة فلا ينقطع ويعود لاحقا لحدود بلده.

إرسال تعليق