تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

التكاثر السكاني هو أمر طبيعي وسنة الحياة ، فان زينة الدنيا المال والبنون ، فيعمل الأب ويربي أبنائه ويعتني بهم حتى يصلوا مرحلة الاكتفاء الذاتي عند جيل الشباب ، بأن يعملوا ويحصلوا على قوت يومهم بعرق جبينهم وكدحم بتشميرهم عن باعهم ، عمل مباشرة بعد الثانوية أو أنهم درسوا في الجامعات ويعملون في مجال دراستهم.

يصل الشاب في مرحلة معينة للنضوج ، يقف أمام خطوة أخرى ومرحلة جديدة مصيرية في حياته ، اختيار شريكته في هذه الدنيا ، فيسعى ليختار الفتاة المناسبة له ليسعد وينعم في حياته ، وتعينه ليسعد في الدارين .
كثر من الشباب يخشون الوصول لهذه المرحلة ، لا لعدم رغبتهم بالزواج ، انما لعلمهم بتكلفة التفكير بالأمر ، وليست المشكلة بمطالب أهل الفتاة ، انما بالأمور الاساسية للزواج ، الأرض والمسكن ، فمجتمعنا العربية يمر بضائقة سكنية خانقة ، وهذه الضائقة السكنية تتفاقم وتشتد يوما بعد يوم ، فمسطحات القرى العربية ضيقة ، ومطوقة من كافة النواحي كالجاتو، فما تبقى من الأرض يعتبر أرضا زراعية لا يمكن البناء عليها ، وان الأرض الزراعية والأرض المخخصة للبناء داخل مسطح القرية تتبع لأشخاص ملكوا الارض عن آبائهم وعددهم محدد ، فيبقى أغلب السكان من العائلات المستورة ودون المستوى المتوسط اقتصاديا بلا أرض أو مسكن سوى ما يسكنون به الآن ، فيلاقي أبنائهم مشكلة ببناء المستقبل ، فهم بحاجة لشراء الأرض التي يرتفع سعرها ليصل قرابة المليون شيكل للدونم بسبب قلة الأراضي ، ومن ثم تعمير البيت ، مما يعيق مخططاتهم ويؤجل تفكيرهم بالزواج حتى جيل متأخر يفوق الثلاثين عاما.

هذا السبب جعل بعض رؤوس الأموال التفكير بالربح من هذا الوضع ، فبنوا الشقق للايجار ، وهذا وضع يجب أن يعتاد عليه أهلنا في باقة والوسط العربي فهو الحل الوحيد ، لكن حين يكون الاستئجار من شخص فان السعر مرتفع ، فهي شقق كمصدر رزق له ومَرْبَح ، وقد لا يستطيع البعض تحمل نفقة الاستئجار هذا ، ويرضوا باستئجار بيوت قديمة متواضعة ليستروا أنفسهم ، وهذا يتم بموافقة أهل زوجته وقبولهم بالشاب لا قبولهم بالبيت والمال ، وهنا للبلدية دور بتأمين شقق للأزواج الشابة ، بناء شقق سكنية ومرافق عامة تليق بالمواطنين وتخدمهم ، وبأسعار شعبية مُخفضة تـُمكن كافة القطاعات مِن إستعمالها والاستفادة منها ، وهو مشروع غاب عَن بال المسؤولين في قرانا العربية الا ما نـَدَرْ ، فان المُخططات التي تـُقدّم تتجاهل واقع ضائقة السكن والاكتظاظ السكاني ، وتضاعف الخنق وتضييق الخناق على المواطنين.

يضطر الشاب اقتطاع غرفة أو اثنتين من بيت أهله واضافة غرفة او اثنتين والزواج ، اكتظاظ سكاني وخدمات متردية في ظل ظروف إقتصادية صعبة ، وتعامل سلطاتنا المحلية مع القضية أشبه بمسرحية ساخرة في ظل تجاهل واقع الضائقة والهرب من مواجهتها وإيجاد الحلول الملائمة لها ، بدلا من ملاحقة الشباب حديثي الزواج وهدم بيوتهم أو أشباهها بحجة البناء غير المرخص ، والبناء غير المرخص يكون غالبا خارج نفوذ ومسطح الخارطة الهيكلية للقرية ، أي في الأراضي الزراعية ، وعدم توسيع الخارطة مع توسع رقعة السكن يجعل البيوت الجديدة خارج الخارطة البلدية وتواجه شبح وخطر الهدم من قبل جرافات المؤسسة الإسرائيلية ، قرار الهدم مجحف وقضيته ساخنة والبركان القادم الذي لا بد أن ينفجر في الوسط العربي ، فلا يتم الموافقة على الخارائط الهيكلية فيبني السكان بيوتا في أرضهم وتهدمها السلطة ، فالسلطة لا تريد لهم ان يتطورا برفض الخرائط وان بنوا تهدم بيوتهم ، وهذا أمر لا يمكن تصوره أو هضمه فالتناقض غريب ، ويضرب هنا بمصلحة السكان ، سكان الدولة ، فتكون الخرائط عائق إضافي في طريق ضمان الشباب لمستقبلهم بالسكن ، ففي باقة الغربية نموذجا ، إن لم تتم المصادقة على الخريطة البديلة التي قدمتها اللجنة الشعبية في ظل غياب البلدية بسبب وجود اللجنة المعينة من قبل وزارة الداخلية ، والخارطة التي وضعتها اللجنة اللوائية ، فان حوالي 300 بيت تقع تحت خطر وشبح الهدم لوقوعها خارج الخارطة الهيكلية لمسطح المدينة وفي منشور وزعته اللجنة الشعبية في باقة أوضحت أن القرار سياسي وأن القرار السياسي لا يُحطّمْ ولايُجهَضْ إلا بإرادة الشعوب وإصرارها على الحياة ، صمودنا سيحطِم مخططاتهم ، رُسوخنا في أرضنا سيربك لجانهم ، يداً بيد نحمي ما تبقى من الأرض ، وذكر في المنشور اللجنة اللوائية عندما خططت الخارطة التوجيهية لباقة-جت اختلفت الاهداف وظهرت النوايا الحقيقية وبرزت للعيان سياسة الخنق والتضييق والمصادرة والعنصرية ، وان عواقب الخارطة محاصرة باقة وتحويلها إلى "جيتو" ، تحويل باقة إلى مخيم للاجئين ، هجرة جماعية لشبابنا قوات شرطة معززة بالجرافات تهدد أكثر من 300 بيت ، مخالفات باهظة الثمن، وملاحقات قانونية ،عدم الأمان والاستقرار وطمأنينة البال . كما وذكرت اللجنة الشعبية أنها قامت بتوكيل محام له باع طويل في قضايا الخرائط التوجيهية ومهندسة مدن، لإعداد خارطة بديلة حيث ستعرض على البلدية ولجنة التنظيم واللجنة اللوائية وأوضحت أن الهدف من الخارطة التوجيهية وضع رؤية مستقبلية للسكان تضمن لهم عيشةً كريمة وتوفر لهم المسكن والمؤسسات العامة والمدارس والمناطق الصناعية والمسطحات الخضراء وشقق للأزواج الشابة .

وباقة الغربية هي نموذج لما يحدث في وسطنا العربي ، الا أنها لم تذق الهدم حتى الان ، ولا نريد لها أن تتذوق وأهلها مر هدم بيت المستقبل وبقاء أفراد أسرة كاملة بلا مسكن . الهدم طال مدن وقرى عربية كثير ، أم الفحم ، معاوية، كفر قرع ، قلنسوة ، الطيرة ، النقب ، كل يوم تقريبا يتم هدم بيوت أهلنا في النقب ، الا أنها تبنى من جديد ، هم يهدمون ونحن نبني ، فنحن راسخون في أرضنا لا نتهاون ولن نسمح لأحد أن يتطاول على أرضنا ، فالأرض عرض والعرض غالي.

لذلك ، كمواطن ، كشاب طموح يحلم بمستقبل وردي ، أرى أن يتم بناء وعقد لجنة طوارئ في مجالسنا العربية وبحضور لجاننا الشعبية الممثلة لمطالب الجماهير ، يتم فيها إعداد خطة متكاملة لحل ضائقة السكن لضمان مستقبل الشباب بالسكن ، أن تتبنى حلول عادلة وحقيقية ، عدم تجاهل الضائقة السكنية والاكتظاظ السكاني فتضع خطة لتطوير الأحياء وفق احتياجات سكانها ومنحم الخدمات الملائمة التي حرموا منها طوال سكنهم في تلك الأحياء ، أن يتم اقتطاع أراضي الدولة المتواجدة داخل الاحياء وبين بيوتنا وخارج مسطح القرية ، والتي هي بالأساس أراضي عربية تتبع لأهل البلد لكن صودرت منذ قيام الدولة حتى يومنا هذا إذ أن عملية المصادرة مستمرة حتى كتابة هذه السطور ، اقتطاع أراضي الدولة واقامة أحياء سكنية جديدة بهدف حل مشكلة الضائقة السكنية ، فتبنى على هذه الأرض الشقق السكنية والمرافق العامة ، المدارس والمراكز الجماهيرية ، الحدائق والألعاب ، الملاعب والنوادي ، وتسويق هذه الشقق والوحدات السكنية للأزواج الشابة بأسعار مُخفضة تـُمكن كافة القطاعات مِن إستعمالها والاستفادة منها كما أسلفت سابقا .

يجب أن يسهر المسئولين في المجالس لراحة سكانهم ، ولحل هذه القضية الشائكة ، وليحظى السكان بعيش كريم في أرضهم مئمئنين ، لا أن يكونوا خائفين غير آمنين في بيوتهم ينتظرون قدوم اليات وجرافات المؤسسة الاسرائيلية لتهدم بيوتهم وتطردهم من أرضها ، يجب تأمين أبسط أسس الحياة الكريمة ، لتكون قرانا ينعم العيش فيها.

1 التعليقات:

لو تعطينا احصائيات و ارقام وصور

إرسال تعليق