تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

عنوان مقال نــُشر صباح اليوم في صحيفة "يديعوت أحرونوت" والموقع التابع " واينت " ، وذلك لموافقة وزير المواصلات من حزب الليكود ، يسرائيل كاتس ، بتغيير اللافتات في شوارع البلاد وجعلها عبرية صافية نقية، فيُكتب الاسم العبري بالعربية والانجليزية ، كمثال مدينة القدس الاسلامية العربية منذ القدم والى الأبد ، فإنه يريد كتابة يروشلايم بدلا منه القدس ، ومن اللافتات ما يكتب عليها الان وقبل "التشويه المخطط" أورشليم القدس ، والاسم بالانجليزية يسكتب yerushalayim بدلا من Jerusalem .
ومن خلال تصريحاته يقول هذا الوزير أن من يريد تحويل "يروشلايم" اليهودية الى القدس الفلسطينية ، فلن يتم ذلك في سيادة الحكومة الحالية والوزير الحالي ، لا يوجد عربي لا يعرف معنى الاسم " يروشلايم" ، جزء منهم لا يحبون الاسم ، لكن كلهم يعرفون معناه.

أثار الأمر ردود فعل عديدة ومختلفة ، فداخل الحكومة وبين الأحزاب الصهيونية المتنافسة على السلطة من رد بأن تصريحاته هذه تفرق وجهات النظر ولا تقربها ، كما وان اللافتات ليست قضية تشغل الدولة ، واللغة العربية هي لغة رسمية في الدولة.

رد بعض أعضاء الكنيست العرب على أقواله وتفوهاته هذه بأن القدس ستبقى القدس ، ويافا ليست يافو كما وشفاعمرو هي شفاعمرو وليست شفارعَم كما يدعوها اليهود ، هذه أقوال النائب أحمد الطيبي الذي أكمل قائلا أن الوزير يظن باستعماله " مغسلة /غسالة" الكلام يمكنه من محو الوجود العربي في البلاد ورابطنا بالمكان ، هذه محاولة للمس باللغة العربية وبرمزيتها.

تغيير اللافتات من صلاحيات الوزير ، لكنه كوزير في دولة تحترم نفسها عليه أن يضع برنامج عمل لوزارته مرتب وفق سلم الاولويات ومن الأهم للمهم ، نضع الاسس والحجارة الكبيرة ثم بعد ذلك نـُدخل بين ثناياها الحجارة الصغيرة ، فكوزير للمواصلات عليه أن يهتم بداية بسلامة المواطنين ويهيئ البنية التحتية والأمن والأمان ، فتوسيع الشوارع وتعبيدها ، إنارتها ووضع الاشارات الضوئية خير وأفضل ليسجل ذلك في سجله بدلا من هذه التصريحات التافهة الهشة ، فمنذ بداية العام 2009 حتى كتابة هذه السطور قتل 375 مواطن في شوارع البلاد ، ووفق تحقيقات الشرطة فان السبب الرئيسي هو العامل البشري، كما وللبنية التحتية دور كبير في ذلك رداءتها وعدم صيانتها ، وأخص الشوارع بين المدن والقرى العربية في الجليل والمثلث والنقب ، شارع باقة الغربية- زيمر نموذجا ، فان "ماعتش" الشركة الوطنية للطرق المسئولة عن صيانة الشوارع تعد منذ سنوات توسيع وتعبيد الشارع وانارته ، إلا أن وعودها لم تتجاوز حد الكلام حتى أطلق السكان عليه إسم " شارع الموت" ، شارع ضيق ، فيه من الحفر الكثير والتوائي بلا إنارة ولا إشارات ضوئية ، ورغم المطالب المتكررة للعمل به ووعد الوزير السابق شاؤول موفاز بصيانة الشارع إلا أنهم لم يحركوا ساكنا حتى الآن فما زال يحصد أرواح المواطنين من المدن والقرى العربية في المنطقة أو يصابوا باصابات صعبة واعاقات جسدية. والامثلة كثيرة كشارع 444 قرب قلنسوة وبين الطيبة والطيرة ، الشارع من مفرق طمرة الجليل شمالا باتجاه مفرق البروة ، الشارع الممتد من الجديد المكر مرورا بكفرياسيف حتى مفرق الكابري المهجرة ، مفرق قرية مشيرفة في وادي عارة ، وشوارع النقب المهمل كذلك رغم وجود وزارة تطوير النقب والجليل التي تسعى لجذب المواطنين اليهود للسكن في المنطقتين ولم تقدم شيء لمصلحة المواطنين العرب أصحاب الأرض.

كاتس وزير من حزب الليكود اليميني بقيادة نتانياهو ، يتربع الحزب على عرش السلطة منذ الانتخابات في شهر شباط الأخير ، ولم تقدم للدولة أي شيء يذكر سوى الميزانية والتي ظلمت قطاعات عديدة وهمشتها والى الان يتم مناقشتها ، مما يعني أنها كالحكومات السابقة قد لا تنهي المدة المحددة وسيتم حجب الثقة عنها وإسقاطها ، فالأحزاب داخل الإئتلاف لا يهمها سوى مصلحتها والميزانيات التي تصل وتحصل عليها فان لم تنل رضاها تخرج من الحكومة ، والانتخابات الجديدة تعني انتخابات داخلية في الأحزاب كذلك " برايمريز" ، وفي حزب يميني كالليكود فان الآراء المتطرفة ضد العرب خاصة ومع قطعان المستوطنين ودعمهم ، تدعم قائلها وتغذيه بأصوات يمينية تسعى للتضييق على العرب وتطويقهم من عدة نواحي كالثقافية والإعمار والتطوير.

التاريخ يثبت تواجدنا في هذه الأرض منذ القدم ، نحن أصحاب الأرض ، فالمآذن الشامخة معانقة البنان والمقابر تشهد على إسلامية الأرض وعراقتها ، محاولة الهدم والتشريد من قـَـبل قيام الدولة وبعد قيامها ، أرض مقدسة ، للنصارى تاريخ فيها عاشوا مع المسليمين بسلام وحصلوا على حقوقهم كاملة وحق العبادة والعيش الكريم، فالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطاهم العهدة والأمان ، فالقدس التي يقاتل اليهود ليهدموا الأقصة ويبنوا الهيكل فيها هي إسلامية وكل حجر وشجر في الأقصى يسبح الله ، ويشهد ويدل على اسلاميته. داخل البلدة القديمة كنائس حصل النصارى على السلام فيها وإقامة شعائرهم الدينية بموافقة الخليفة العادل عمر بن الخطاب ، فلم يـَظلمهُم ، أما اليوم فان انظار كل من في الدولة يتجه نحو القبة الذهبية وتحقيق أحلامهم التلمودية بدلا من إعطاء المسلمين حقهم بالعبادة والصلاة ، فلا يكفي إحتلال حائط البراق الاسلامي وتسميته المبكى ، إلا أنهم يحلمون لتوسيع الرقعة وإحتلال المسجد الأقصى ، هذه أمانيّهم ما أنزل الله بها من سُلطان ، ولتبقى أحلاما.

العرب هنا قبل قدوم كاتس ، يعيشون الان هنا وسيبقون الى ما شاء الله ، صامدين ثابتين راسخين ، يزرعون الزيتون الممتدة جذوره في طبقات الأرض والفارعة الطول ، يشربون من ثمارها الزيت الذهبي البراق كلمعة قبة الصخرة الذهبية حين تداعبها أشعة الشمس ، فيرسخون أكثر وأكثر في أرضهم رغم كيد وحقد الظالمين ، سيذهب كاتس ويبقى المنادي ينادي حيّ على الصلاة ، ينادي الله أكبر ، فنحن تعلقت قلوبنا بهذا الدين ، وأملنا أن ينصرنا الله ، والله قوي شديد العقاب.

-----
* أعتذر لزوار المدونة من الدول العربية الشقيقة ومن لا يقرأ اللغة العبرية ، إذ انني قمت بنقل العنوان من اللغة العبرية كما كان في الموقع الخاص بالصحيفة ،
معنى العنوان أن الوزير سيذهب عن الوزارة ولن يبقى وزير ،
أما يروشلايم أي القدس فانها ستبقى القدس.
** الصورة الأخيرة هي للوزير المذكور ، وتحتها كتب 375 عدد الموتى في
حوادث الطرق ، السيد يسرائيل كاتس، وزير المواصلات والامن بالطرق ، هذه مسئوليتك.




0 التعليقات:

إرسال تعليق