تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ




كي تـُسيطر على منطقة معينة وتـُحكم القبضة عليها فإنك تتقدم نحوها وتـُشكل طوقا من كافة النواحي ، وكي لا ينتبه أحد لخطوتك هذه تزين أعمالك وتتدرج فيها ، تشكل طوقا فعليا وطوقا افتراضيا ، تحت هذه الأطواق يندرج الطوق الأخلاقي، فتسعى في فساد أخلاق أهل تلك البقعة مما بلغت أهميتها وقـُدسيّتها، إذ أن هدفك صدّ الناس عن دينهم وإضعاف أخلاقهم وكل ذلك يتم بفتح باب الشهوات لهم فيتبعوك ويتركوا لك المجال لتصنع ما شئت وأعينهم كأنها لا تبصر والران يغطي قلوبهم.

عانت القدس الشرقية من إهمال شديد في ظل تقدم وإزدهار القدس الغربية رغم أن بلدية القدس تدير شئون الطرفين ، كما وان قطعان المستوطنين بدأت تزحف وتحتل بيوت المواطنين الأصليين في البلدة القديمة ومحيطها بدعم مبرمج ومخطط، مشروع الجدار الجدار الفاصل وخفض نسبة السكان العرب في المدينة.

قبل بضعة أسابيع حين كُنت تقترب من أسوار المدينة العملاقة تكاد لا ترى سوى السواد ، ليل حالك وظلام غطى المنطقة ، إلا إن إعتلى البدر قبة السماء ليُنير الأرض ويُبهر الجميع بجماله فيَصف الرجل زوجته بأنها فلقة بدر متغزلا بها.

قامت البلدية بالتفكير بكيفية جذب الزوار للبلدة القديمة ، قررت أن يكون ذلك ليلا ، رغم أن المحلات التجارية تُغلق أبوابها مع غروب الشمس عند صلاة المغرب ، مشروعها لجذب الزوار يتمثل بإنارة أسوار القدس الخارجية وبعض الأسواق، الأزقة ، الأروقة والقناطر ، فأعلى باب العمود أضواء كاشفة تتراقص في كل الجهات وكتابة بالعبرية " يروشلايم" بلا ذكر للقدس ، واكتفوا بالعربية كتابة " أهلا وسهلا" ، كأنّ لا عرب في المكان ، فأهلا وسهلا مصطلح دارج عند اليهود كأنه من لـُبّ لـُغتهم ، لم يقتصر الأمر على ذلك ، بل يعثون في الأرض الفساد ، فمع النداء لصلاة العشاء وإقامة الصلاة يبدأ مِزمار الشيطان ، يبدأ الغناء والرقص الفاحش لجذب الزوار بمزمار الشيطان واتباع خطواته ، لم يلاقي مشروعهم إقبالا كبيرا فما زال تخوف لدى المواطنين اليهود من التقدم صوب البلدة القديمة كي لا يصابوا بأذى ، في حين كسر اليهود المتدينين هذا الحاجز ، سياح إنضموا لقوافل الرقص والخلاعة ، ومِن أهلنا في بيت المقدس مَن فرحَ بذلك ظانا أن خطوة البلدية هذه تصُبّ في مصلحتهم ومنهم من إشترك في هذه الحفلات الراقصة والخليعة ليُمتــّع نفسه ويرضيها في ما يُغضب الله ، وأخصّ جيل الشباب الغير واعي لما يُحاك من مؤامرات عليه وضده لإخراجه من أرضه وليترك دينه ويتمسّك بالدنيا الملعونة والتي هي تفاخر ،لعب ولهو ، ولو كانت تساوي عند الله جناح باعوضة لما سقى فيها كافرا شربة ماء .

هذه مشاريع بلدية القدس التي تقترب شيئا فشيء من المسجد الأقصى المبارك الذي يئن تحت وطأة الإحتلال في ظل هجر المسلمين له أو إقصائهم عنه ليُقام حلم اليهود ويُبنى الهيكل المَزعُوم، فمُحاولة فصل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية وهدم البيوت فيها دليل على ذلك ، فما أعمالهم إلا خُطة تلمودية من توراتهم وتعاليم أحبارهم، فهدم البيوت في حي البستان في سلوان بحجة بناء حديقة عامة ما هو إلا جُرم عالمي وانتهاك لحقوق الإنسان ومنعه منحقه بالعيش الكريم في بيته وعلى أرضه، كما وإن مُستوطنات غير شرعية تُقام على أراض عربية ، وأصحاب الأرض الأصليين تُهدم بيوتهم بداعي البناء غير المرخّص رغم أنهم يملكون الكوشان العُثماني مثبتين مُلكيتهم للأرض أبا عن جد، فلا يُعترف بها، فتهدم أو تحال لِمى يُسمّى بحارس أملاك الغائبين وهي طريقة إلتوائية أخرى للسيطرة على القدس ورفع نسبة السكان اليهود فيها وخفض نسبة السكان العرب والذين يشكلون خطرا ديمغرافيا وفق قول زعماء دولة إسرائيل ، هم كذلك لأنهم يقفون في وجه الحكومى لكي لا تنفذ قراراتها بتهويد القدس العربية.

إن لم يستفق أهلنا في بيت المقدس لما يحدث حولهم وما يُحاك قد يجدوا أنفسهم خارج اللعبة ، فلا تغريهم عمارات بيت حنينا والرام ، وأسعارها المنخفضة مقابل تركهم الإكتظاظ والأزمة السكانية داخل أسوار البلدة القديمة وما أكثر المصالح ، العقارات والبيوت العربية التي بيعت وتمت السيطرة عليها من أحفاد هرتسل وبن جوريون ، ومع مرور الأيام تزداد نسبتهم وعددهم فنواهم يصبغون الأروقة في بعض الأيام باللون الأسود ويغلقوا الأسواق والطرقات داخل البلدة القديمة في أعيادهم لكثرة عددهم وللسلطة التي بيدهم ، فيصولون ويجولون مع حراسة شديدة مع أنها لا حاجة لها في أيامنا لأن تواجد اليهود المتدينين أمر اعتيادي الآن وأسلم له ورضخ عرب القدس ولا يعون تطورات وتداعيات ذلك مستقبلا ، فلعل الأضواء التي تتفرق في سماء يَبُوس تطير بهم في كل الجهات والجبهات ، عند أقربائهم الذين سبقوهم عام ثمانية وأربعين وعام سبعة وستين ، إلى شرقي النهر ، إلى أرض الأهرام ، إلى لـُبنان ودمشق الشام ، بلا أرض ولا وطن ، بلا أقصى ويبكون على التاريخ والصور، متناسين دورهم في هدم الأقصى وإقامة الهيكل حين تنازلوا عن ثوابتهم.

إنارة الأسوار جزء من خطة لعينة ، فلا يغركم أهلنا في بيت المقدس جمال تلك الألوان وشكلها ، فما الشكل واللون بواصف لما يخفى عليكم أو عنكم ، فاحذروا ورابطوا في المسجد الأقصى، هو أمانة في أعناقكم ، رزقكم الله أن وُلدتم جانب مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر عظيم ستُسألون عنه يوم القيامة ، إن فهمتم الإسلام حقا وعرفتم أن الإسلام دين ومنهاج حياة ، ليس الإسلام انتماء بالوراثة او مظهرا تاركين جوهره ورسالته السامية للعالم أجمع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق