تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ




من آيات الله تبارك وتعالى في خلقه أن جعل لنا أزواجا لنسكـُن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة وفي ذلك آيات لنا لعلنا نتفكر فيها.



يشعر الذكر بفراغ ونقص معين وهو أعزب ، ينقصه شريك حياة يشاركه ويقاسمه حياته ، حلوها ومرّها، يعيش معه الحياة لحظة بلحظة، يفكر معه ويعينه على الحياة ومشاقها في شتى مجالاتها،يُلمس الأمر عند الشاب المُلتزم الذي يبتغي مرضاة الله فتعفّفَ ، صان نفسه وكبّل الهوى ، فلم يرضخ لأمر الشيطان ولم يتبع الهوى ، فاقتنع أن حياته بالعفة أجمل ، يتقدم في حياته ويحقق أهدافه منها ، وما هذه الحياة الدنيا الا متاع ، وخير متاعها الزوجة الصالحة ، فكان كله ثقة بالله تعالى عالم الغيب ، تعففَ فيحصل على زوجة عفيفة شريفة ، طاهرة تخشى الله ، عابدة صائمة ، تماما كما هو ، فيستخير الله تعالى ليسهل له دربه وأن يتزوج الفتاة إن كان له فيها خير ، وأن يبعدها ويصرفها عنه إن كان أمر خِطبته لها شر ويصرفه عنها ، فينعم في حياته مع ذات الدين والخـُلق وهي معززة مكرمة لها حقوقها كاملة وعليها واجباتها كاملة ، فتملأ له الفراغ وتغلق بابا من أبواب الشيطان، يديران حياتهما كما أمرنا الله ورسوله ، درب حياة يوصل للجنة إن شاء الله ، وهذا من أول حقوق الابناء على الاباء بأن يختاروا لهم أما صالحة فيكونوا أبناء بارين إذ ربتهم ذات الدين والخلق.



الحياة فيها مطبات وصعوبات ، الحياة الزوجية كموج البحر يرتفع فيهيج ويضرب فيكسر وقد يكون هادئ، جميل ينعم الانصات لهدوئه ، وبين الدرجتين عدة طبقات وارتفاعات ، قد يغضب الزوج من زوجته ، فعليه حينها أن يعلم كيف يحل مشاكله بلين ورفق وأن يعيد الأمر لله وللرسول ويتبع أمر الشرع ، هذا إن كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فيُعاملها بالمعروف زوجة لها كيانها وشخصها ، لا يُكرهها ويحسن التصرف معها ، مهما بلغت المشاكل بينهما ولم يتمكن من حلها ولم يرى سبيلا لحلها فليتركها خير لهما ، ليطلقها فان الطلاق حلال ، وأبغض الحلال عند الله الطلاق ، ليطلقها لا أن يضربها بلا شفقة ولا رحمة ، يعيش بنكد كالعبدة يضربها ويذلها ، يهين كرامتها ويعذبها ، فحينها الطلاق خير للزوجة ، زجسم المعاشرة تكليف واجب على الزوج ، ليس اختياريا متروكا للزوج ، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها) رواه البخاري ومسلم. فلا يليق بالانسان أن يجعلها مهانة يضربها مع أنه يعلم أنه لا بد له من الاجتماع والاتصال الخاص بها.



لا أقول هنا أني مِن مَن يدافعون عَن حقوق المرأة كأمر إجتماعي وضعي ، إنما هو أمر ديني ، لا بد الى أن أشير أن هناك نوع من التهذيب للزوجة ويقع في عدة درجات ووفق الحالة فيتناسب العقاب مع نوع التقصير ، فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد ، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر وذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.



كرم الاسلام المرأة وجعل لها حقوقا وعليها واجبات تماما كما أن للرجل حقوقا وواجبات، وعلى الفتاة بدورها أن تختار الإنسان الملتزم الورع التقي ، فهو يجعلها مُعزّزو مُكرمة كما أمرنا الله ، قال تعالى في عدة مواضع من القرآن الكريم :



(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)



(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)



(وَاللهُ جَعَلَ لَكُم منْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم منْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً)



(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)



(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)



(الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ)



(ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة)



(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)





كما وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معززا مكانة المراة آمرا إيانا ان نعطي النساء حقها :



(إنما النساء شقائق الرجال)



(استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عندكم عَوَان)



(خياركم خياركم لنسائهم، خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)

هذه هي المرأة في ديننا ، اما عند اليهود إذا حاضت تكون نجسة، تنجس البيت، وكل ما تَمسُّه من طعام أو إنسان أو حيوان، وبعضهم يطردها من بيته؛ لأنها نجسة، فإذا تطهَّرت عادت لبيتها، وكان بعضهم ينصب لها خيمة عند بابه، ويضع أمامها خبزا وماء كالدابة، ويجعلها فيها حتى تطهر.



هذه هي المرأة في ديننا ، إلا أن المسلمين لم يتقيدوا بأوامر ديننا، تركوا الدين وتبعوا الدنيا ، تبعوا النفس والهوى ، فظلموا أنفسهم وظلموا نسائهم ولم يحترموهن ، فتمر بجانب بيت تسمع صُراخ الزوجة تبكي وتتوسل لزوجها أن يتركها ،يضربها لا لشي ، لا لأنها اقترفت ذنبا إلا ليثبت رجولته ، يتبتها على زوجته بالضرب المبرح وقد يكسرها ، تعسا لهذه الرجولة فما هذا برجل ، يضربها لان أمه قالت له ذلك بلا سبب ، فترفرح الأم وتظن بذلك أنها تزيد حب ابنها لها ، إلا أنها تهدم بيته وتخربه ، تكسب كراهية زوجته التي احترمتها وقدرتها ، حتى أنها خدمتها فمسحت وجلت الصحون ، أعدت الطعام ونشرت الغسيل ، تركت امور بيتها وعملت لحماتها لتكسب رضى الله ثم رضى زوجها ، ترى حماتها كأنها أمها ، إلا أن الحماة قابلتها بالضد لتبقى هي كأنها ستّ البيت.



هذا هو واقعنا المرير وهذا ما وصلنا اليه ، ولن أبحر في أمور أخرى تؤدي لضربها وهي فتاة صالحة ، وليس حديثي عن زوجة خانت زوجها ، حديثي عن صالحة تزوجت أو زوّجها أهلها لإنسان لا يستحقها ، فقد يعود آخر الليل سكران فتبكي وتعاتبه فيضربها ، وما بيد أهلها من شيء يصنعوه ، فلا يريدون أن يُطـّلقوا ابنتهم وإجلاسها جانبهم في البيت خاصة إن كان لها أولاد ، وخوفا من عيون الناس وألسنتهم.
لذلك أختم حديثي وهو يطول ويطول ، أختمه بنصيحة لأختي المسلمة أن اختاري الزوج المناسب ، استخيري الله تبارك وتعالى وهو يختار لك الأفضل ، لا ترضخي لأهلك والبشر فانت من سيتزوج وليس هم ، اختاري صاحب الدين ولا تبحثي عن حُبّ هشّ يخدع القلوب والأبصار ، إتق الله فيجعل لك مخرجا بإذنه.




1 التعليقات:

بارك الله بك اخي شادي...موضوع جدا قيم...المدونة ترتقي بخطى ثابتة ...
اخوك انس فلسطين

إرسال تعليق