تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ



قام بابا الفاتيكان بزيارة سلام، محبة وتسامح أديان لمنطقة الشرق الاوسط، أرض الشام تحديدا، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.


المحطة الأولى كانت عمان عاصمة المملكة الاردنية ، فاستقبله وفد برئاسة الملك الاردني المعرّب عبد الله بن الحسين ، وما الأردن بهدف لبابا الفاتيكان إنما هي محطة على قارعة الطريق لمواساة الملك كأنه قائم موجود وكأنّ الفاتيكان يعترف بدور الاردن لحل قضية الشرق الأوسط ، هو هبوط لإسكات المعرّب تماما كحبة مسك حلوة الطعم أعطاها والد لطفله الباكي ليسكته ، لم يعطه المسك في لحظة حب إنما لتفادي الوضع الحالي ، والأردن جارة إسرائيل ومسالمة لها فلمنع الشعور بالحرج تم الهبوط في مطار عمان.بعد جولة في شوارع الأردن الفرحة شكلا التعيسة باطناً وأحياء اللاجئين المهجرين خاصة ، طار البابا من مخيمات اللاجئين الى بيوتهم الأصلية المهجرة المأهولة بقادمين جدد من دول أوروبا، أفريقيا وباقي دول العالم،شعب شُتّتَ لشتى بقاع الأرض وشعب مشتّتٌ قدِمَ ليسكن بيوت الشعب المشتت بعد قتله ومطاردته ، تعذيبه وتدمير غالب القرى ، بيوتا، مساجدَ ومقابر، مدارسَ ودواوين، كنائسَ وأسواق، حضارة وحاضرات.


هبط في مطار اللد جارة الرملة، إنتظره لفيف من زعماء الدولة اليهودية، سلّموا عليه وبدأ البرنامج الخطابي ، سمعهم وليس بالضرورة أنه استمتع بسماع كلامهم، فعيونه تتجه شرقا اعلى جبال القدس، خياله رحل للبلدة القديمة ، البلده المزينة بالمسجد الأقصى ،مدينة مباركة لأجل الأقصى ، عيونه صوب قرع أجراس الكنائس العتيقة والصلاة وسط المؤمنين بدرب سلكها، خرج ذهنيا من لفيف المحبين وعاد اليهم حين جاء وقته للحديث، فزيارته وإن أظهرت كأنها دينية إلا أنها تحمل بين طياتها طابع سياسي بحت، فهو ليس مجرد رجل دين نصراني ، بل له دولة لها حدودها الجغرافية ، ارضها وسكانها داخل روما هرقل.


تغير جوهر كلمته في كل مكان خطب فيه، فتارة تحدث عن المحرقة وتارة يتحدث عن دولتين ، حق العودة وأمور أخرى سقطت ليس سهوا ، فرغم قوته وسلطته إلا أنه تحايد بعض الامور الحساسة وأشغل نفسه بقداس في القدس ، بيت لحم وناصرة الجليل.طار حيث سبقه خياله ، طار الى القدس وسط حراسة مشددة ، حصار وتضييق الخناق حول القدس القديمة وجوارها كأنها ثكنة عسكرية، خوفا من أن يصاب بابا الفاتيكان بمكروه أو محاولة اغتيال ، وشتان بين حاله وحال رجل من رجال الأمة الاسلامية ، له دور في إتّساع بقعة الدولة الاسلامية،خليفة راشد فرق بين الحق والباطل ليسمى الفاروق، ولا مجال للمقارنة بين الثرى والثرية، لا مجال للمقارنة بين الخليفة الثاني ، القائد المبشر بالجنة وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في ذات البقعة قدم الفاروق ووقف عند الكنيسة ، وكانت العهدة العمرية، أنصف النصارى واعطاهم حقهم بالعبادة والصلاة في كنائسهم، لم يصلي في الكنيسة كي لا يتخذها المسلمين مُصلّى، فأقيم جانبها المسجد العمري، لم يأت مع حرس مدجج من جزيرة العرب لبيت المقدسْ ، فإنه رباني حكم بين الناس بالعدل ولم يظلم احدا ، لم يحكم لغاية دنيوية ولا ليقال أنه حاكم عادل، بل أراد مرضاة الله ودخول الجنة، وأن الحكم والرئاسة أمانة سيسأل عنها وكيف تصرّف، عرف أنه سيسأل عن كل شيء في ارجاء نفوذه وسلطته، لم يكن خليفة ليحصد المال والجاه والسلطان ، لم يرغب الترف والسّهر ، اللهو والغفلة، أراد أن يرضى، أراد أن يرضى الله عنه ويدخله الجنة وعندنا اصبح أمير المؤنين كان كثيرا ما يقول محاسبا نفسه: لو أن بغلة في العراق تعثرت لكنت انا المسئول عن ذلك يوم القيامة كيف لم أمهد لها الطريق ، خرج متسترا ليلا ليتفقد أحوال رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فان رأى منكرا غيره وان عرف محتاجا جعل له نصيبا من بيت المال ، هذا هو القائد القدير الذي حكم بما أنزل الله في الكتاب ووِفق نهج الرسول الكريم النبي الامين محمد بين عبد الله صلى الله عليه وسلم ، عمر الذي جاءه في يوم من الأيام رسول كسرى إلى المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية آنذاك لمقابلته فسأل عن قصره، قالوا: ليس له قصر سأل عن حصنه، قالوا: ليس له حصن قال: فأين يسكن، فأشاروا إلى بيت أمير المؤمنين ، فلما دنا منه إذا هو كأبسط بيوت فقراء المسلمين فقال لأهله أين أمير المؤمنين، قالوا: هو ذاك الذي ينام تحت الشجرة فلما دنا منه وجده نائما في ملابس بسيطة تحت ظل شجرة قريبة فقال مقولته الشهيرة: “حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر”.


زيارة البابا زيارة سلام، تسامح ومحبة ، تسامح أديان، تسامح أديان رغم أنه سب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فأي تسامح يدعي هذا الحبر ، كيف للمسلمين أن يسامحوه وتُسَوّلُ له نفسه المس بشخص خير خلق الله ! اي تسامح أديان هذا حين يُمنع المصلين من دُخول المسجد الاقصى المبارك للصلاة ! كيف له أن يدخل المسجد الأقصى وهو غير طاهر ، الأقصى هو بيت الله تقام فيه لله الواحد القهار ، فلا يحق لأي أن يمنعني من الصلاة فيه ، وهنا أستذكر الآية الكريمة :


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (البقرة:114) .


لذا فإن التسامح قد تبرأ من هذه الزيارة، وكمسلم مُنِعَ من الصلاة في الأقصى فإن ذلك لن يجعلني أحب البابا ولا يجعلني أحترمه، فانه لن يسمح أن تغلق الكنائس بوجه المصلين النصارى لأي سبب أيّ كان.وانتقل بابا الفاتيكان شمالا في قصة أخرى ، قضية مهمة للبابا دور فيها ، قضية مدينة الناصرة ، القضية التي يحاول البعض إخمادها وإخفاء معالمها ، إلا أن رجالا من ناصرة الجليل الاسفل وقفوا على الحق، وقفوا على حق الله والدِين والمسلمين، حقهم ببناء مسجد شهاب الدين في قلب الناصرة ، وقد أقدمت السلطات على هدمه وعدم السماح ببنائه، والبابا زار الناصرة المقدسة له ففيها كنيسة البشارة،نُصبَت منصة ومدرج له ولجماهير المؤمنين به والسُيّاح للصلاة ،أقيمت على جبل القفزة والناصرة المدينة تقابلهم، تظهر كنيسة البشارة قبالتهم ، فهي رمز الناصرة بالنسبة لهم، أما شهاب الدين فهو للمسلمين المضطهدين المهضوم حقهم ببناء بيت لله والصلاة، فإن شهاب الدين إن تم إعماره يُخفي جزء من الكنيسة وحينها يختفي جزء من رمز الناصرة بالنسبة لهم ، أكرر بالنسبة لهم ، أهذا تسامحُ الفاتيكان ! أهذا تسامحه وقد قال في خطابه أن الناصرة مدينة سلام، محبة وأخوة بين المسلمين والنصارى ! أين هو التسامح ! تقولون أن الناصرة رمزها الأخوة والمحبة بين المسلمين والنصارى ، إذاً فرمز المدينة يجب أن يكون مشتركاً للطرفين ولا ننسى أن المُسلِمين هُم أغلبية، فإن كنت يا بابا الفاتيكان وأنت يا جرايسي تبحثان هم العلاقات الطيبة فعليكم دعم تغيير رمز الناصرة لنرى من جبل القفزة صورة للمدينة فيها شهاب الدين قائِم ومئذنته تعانق العنان ، جانبه كنيسة البشارة ، فإن مقدساتنا غالية علينا ولن نسمح لاحد بطمْسِها.


زيارة البابا ليست مُجرّد زيارة دينية ، هي زيارة سياسية بحتة ، وعلينا أخذ نتائجها وهل أفادتنا نحنُ المواطنين !


1 التعليقات:

زلزال التوحيد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا عليك يا اخي...
ستفتح روما باذن الله وستفتح امريكا باذن الله...
اما تسامح الاديان هذا فانه يتناقض مع فكر اي طفل صغير تعلم ابجديات التوحيد...

وكل عام وانتم الى الله اقرب

إرسال تعليق