ترميم سن
لا استطيع التحدث انما اومئ براسي او اشير بيديدخلت القاعة ، لفيف من الطلاب والمتطوعين المستفيدين ، اصوات حفريات وتعمير في الخارج وداخل المبنى ، ففي الخارج لاضافة اقسام جديدة للمشفى والكلية ، اما في الداخل فاعمال ترميم تتم وصراخ والم في صفوف المتطوعين المستفيدين ، كل هذا في قاعة او مختبر كلية طب الاسنان.بعد لقاءات عديدة حدد اليوم لترميم سن في فمي ، ظننت الامر سهلا وسريعا ، الخطوة الاولى فحص ما قمنا به بلقاءات سابقة وتليها عملية اغلاق الفم بغطاء مطاطي ، وحينها لا يمكنني الكلام ، استعمل لغة الاشارات لاصف الوضع ، فامئ براسي ان وافقت او رفضت ما يتحدث به الطبيب المتدرب ، واشير بيدي اليسرى حين لا يطاق الالم ، ولم استعمل هذه الامكانية انما اغمض عيني فاخفف عن نفسي خاصة عندما حفر وقلم ... واستغرق الامر قرابة الساعتين ...ساعتين لم انطق ببنت شفة ، احداث وامور تدور في خاطري ، سرحت وفكرت وتفكرت ، خضت فيما اقول وكيف اقول ولمن اقول ، طلاقة اللسان وكثرة الحديث، لم اتحدث ... اهي نعمة ام نقمة ؟! اهي نعمة من الله ام ابتلاء ، شعرت بحلو ومر هذه التجربة خلال ساعتين ، فلا ينطق اللسان بما لا يرضي الله فهذه نعمة ، وعجز اللسان عن التعبير عما يدور وبما اشعر وشعور بالمحدودية والعجز وهذه نقمة ...فالحمد لله على نعمه.
في غرفة العمليات
طلب خاص ليسمحوا لي بالدخول ، زي جديد معقم ، قبعة وحجاب للوجه ...كل شيء جاهز ، ننتظر الدخول ، وصل الممرض واخذ المريض ، بداية قصة لدخولي غرفة العمليات لاول مرة ضمن التطبيق الفعلي خلال دراستي الجامعية.وجه المريض شاحب ، زوجته بجانبه تحدثه ، خوض وانتظار ، وجل وارتقاب ، جاء الممرض لاخذه ، طلبت منه مفتاح خزانته لاضع فيها ملابسي الغير معقمة ، ورافقته لدخول غرفة العمليات ، في المدخل انتظتنا الطبيبة لتنويم المريض ، قامت بفحصه ووخزته بيده بابرة السوائل اللازمة ، دخلنا الغرفة الرحبة ، نقل المريض لسرير اخر ثابت ، وبدات عمليت التخدير ( التنويم) ، سمات الخوف ترتسم على وجهه ، يرتقب ويراقب الخطوة تلو الاخرى ، وبعد دقائق اختفى الخوف والقلق ، لقد نام ، ونام جهاز التنفس الطبيعي لتخديره وعضلات الجسم ، نفس اصطناعي ، والاجهزة في كل صوب واينما التفتنا ، يا ايها الانسان اين قوتك واين جبروتك ؟! ها انت كدمية يلعبون بجسدك يمينا وتارة شمالا ، وهم من بني البشر ، ما غرك بربك الكريم الذي خلقك ، هو يحيي ويميت ، اهي النفس والهوى ؟! نائم ، نائم بلا حراك ، دخل البروفيسور الجراح واجرى العملية ، استغرقت ساعة من الزمن ، من علـّــمه ؟! من اعطاه العقل ليدرس وينجح ويصل لهذه الدرجة ؟! الله ، سبحان الله افضل الخالقين ، ربهم ورب العالمين ، الرحمن الرحيم. لن ادخل لتفاصيل العملية التي تحتاج تركيزا عميقا وجهدا ودقة ، ونجحت وخرج المريض بعد ان فحصت الطبيبة "المنومة" ان الانسان الملقى امامها قد استيقظ وهو باحسن حال وفق ما تشير اليه الاجهزة ، خرج من غرفة العمليات بعد ان كتب الله له بان تنجح هذه العملية ، خرج وبدأ يفتح عينيه وزوجته تقف امامه فيسالها اين زوجتي !!! ما زال متاثرا بالمخدر ، وبعد حين سيستفيق " سيصحى" ويعود لحياته شبه الطبيعية ، او الطبيعية المشوهة بحكم نوع العملية التي اجرى ، وسيساله الناس عن حاله وكيفية مرور العملية ونجاحها ، فسيقول الفضل للطبيب، عجبا لابن ادم الم يتفكر قليلا ؟! لم يشاهد العملية ، لم يشاهد ما يدور داخل جسمه ليرى ابداع الخالق سبحانه ، الذي كيفما شاء ركب الانسان، فالحمد لله على نعمه ، الحمد لله على كل شيء ، ولتكن عبرة لبني البشر ، ما اضعفك يا انسان ، ما اضعف جسمك وما اضعف نفسك .
كفى يا نفس تهذبي
تهذبي ولا تتطاولي، اخضعي وانحني ، لست أنتِ من يقود ، انما انت تنقادين خلف ما اريد ، اردتِ وانا اردتُ تبعا لك لكن ، هل كل ما اريد مفيد ؟! وان زينت لي ذلك وادخلت الغرور لذاتي ، هل سيستمر هذا الغرور ؟! وما الزينة هذه ، احقيقة ام اشكال والوان من الخارج خاوية المضمون ، ايا نفس تهذبي ، الا يكفي ما فعلتِ بالعبد الفقير ، مرارا وتكرارا تبعتك ، يقول الناس ربحت ، وهل يقرر الناس لي الربح والخسارة ومتى افوز ؟!المناصب صورتها رقي ، سُلطة وزعامة ، اولم تريني الوجه الاخر لما ؟ اليست مسئولية وحساب وعتاب ؟ تكليف لا تشريف ، محاسبة امام الخالق الواحد البارئ الملك القدوس الديان ، واي منصب واين وفي اي ظرف ومكان ؟! امنصب لبداية انهيار حين تقف وحدك ! وما فائدة الرئيس بلا جنود ! اصلح نفسك يا فتى ، فكيف تترأس البشر ولا تترأس نفسك وتغرك وتزين لك ، كن سيد نفسك وحرر نفسك من نفسك وبعد اذ اقدم ، فقد اصلحت ذلتك وتصلـُـح لِتـُـصلح غيرك ، ايا نفس تهذبي ، تهذبي واتركي عبدا فقيرا لخالقه ، اتركيه يكوّن نفسه قبل ان يكوّن الناس.