تضييق الخناق والحصار اجبر السكان أن يفكروا بطرق بديلة ليعيشوا ويقيتوا أنفسهم وعائلاتهم.
نجح البعض منهم بان يحصلوا على لقمة العيش ، وان يحصل باقي السكان على المواد الأساسية للمعيشة ، ومن ثم تطور الأمر لتدخل أشياء أخرى ، خاطروا بحياتهم ، منهم من توفي ومنهم من بقي بعمله حتى اليوم ، هي قصة عامل يقطع أنفاقا حفرت عشرات الأمتار تحت الأرض بين غزة ومصر.
قد ينهار النفق ، أو ينتهي الأوكسجين ، وحتى الغبار يسبب أمراض الرئة ، وتنتهي حياة عامل كادح مغامر دخل ظلام الأنفاق ووافق أن يضحي بنفسه.
غزة أسطورة صمود ، فقد أهلها أدنى موارد الحياة وأسسها ، فدخلوا وعملوا دون التفكير بأضرار ما أقدموا عليه ، وما أهمهم جلب المال لشراء الخبز لأطفال يصرخون وتصرخ بطونهم من الجوع ، عملوا وشعارهم لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها ، ثغرات في الأرض ، ثغرات يدخلون منها إلى الصميم ، ثغرة قد تصفعه بيدها أو تركله برجلها.
كانت البداية مع المواد التموينية من أرز وما إلى ذلك ، وسارت حتى جلبت الملابس وحتى الحيوانات كالعجول ، كل ذلك من هذه الممرات الرفحية ، ممرات دولية دون دفع ضريبة أو جمرك ، بل بدفع ما هو أغلى من المال ، بدفع الدم والروح ، هذا الحال في القطاع وأفواه فتحت لتأكل فغطت جوعها بالماء بدل الطعام.
رقعة القطاع المجاورة للبحر المتوسط تعج بالسكان ، اكتظاظ سكاني مرتفع ، مما أدى لانتشار الأمراض ، وقلة الإمكانيات للعلاج ، المحاولة للخروج من القطاع تواجهها حواجز وتصاريح ، وان تمكنوا من الحصول عليها يقف المال لهم بالمرصاد ، المال سد حصين منيع أمام رغباتهم ، والذي قد ينقذ الوضع جمعيات خيرية ، أو تلك التي تبحث عن الشهرة ، وقليلة نسبة من يحصلوا على المساعدات لعظم عدد المرضى.
غزة تعاني ، فهل يستطيع العجوز المريض ابن الثمانين عاما تحمل مشقة السفر في نفق تغلغل في الأرض !