تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ



قال تعالى في محكم التنزيل " سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله" (الاسراء،1).


وقال جل في علاه ، في موضوع اخر " ومن اظلم من منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين"(البقرة،114).


وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال في الحديث الذي رواه ابي سعد الخدري رضي الله عنه : لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ، مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الاقصى.


وورد عنه صلى الله عليه وسلم في حديث اخر في الصحيحين ورواه ابي ذر الغفاري رضي الله عنه ، انه قال : قلت يا رسول الله اي مسجد وضع في الارض اول ، قال ، المسجد الحرام . قال: قلت ثم اي ؟ قال : المسجد الاقصى. قلت كم كان بينهما ؟ قال : اربعون سنة ، ثم اينما ادكتك الصلاة بعد فصل فان الفضل فيه.

إن قضية المسجد الاقصى هي مسالة عقائدية بحتة ، فيها خلاف بين الشريعتين الاسلامية واليهودية ، والاقصى يؤمه المسلمون رغم ان السيطرة عليه بيد السلطة الاسرائيلية والتي تعوث به فسادا وتتامر مع اليهود المتدينين لاحتلال المسجد الاقصى المبارك وهدمه ومن ثم بناء الهيكل المزعوم ، هذه احلامهم وبداوا بالحفر تحت المسجد واسرلة الاحياء العربية في البلدة القديمة وفي جوارها خارج السور كوادي الجوز، الشيخ جراح وسلوان ، فترسل اوامر الهدم لاصحاب البيوت الشرعيين منذ مآت السنين بحجة تحويلها لحدائق عامة وسط الاكتظاظ السكاني الاسلامي العربي ، وما هذه الا ذريعة خبيثة ليحصلوا على شرعية دولية لعملهم الجبان الوقح وتوطين اليهود المتدينين المتطرفين على ارض عربية اسلامية وتهويد المدينة وتشكيل طوق استيطاني حول المسجد الاقصى المبارك وتحقيق خطة تلمودية ياخذوها من توراتهم المحرفة والنهاية اقامة دولة اسرائيل الكبرى من النهر الى النهر والقدس عاصمتها ، وفي قول لبن غريون احد كبار الصهاينة قال انه لا يوجد اسرائيل بلا قدس ولا قدس بلا هيكل ، مات بن غوريون الا ان فكرته يحملها الشعب اليهودي ، يحملونها وبيدهم السلطة والقوة في الدنيا لتحقيقها او محاولة تحقيقها ، اما المرابطون في بيت المقدس واكناف بيت المقدس فلا يملكون معدات عسكرية ووسائل قتالية الا ان الايمان بالله قد رسخ في قلوبهم وهو اقوى واشد من اي سلاح توصل اليه العقل البشري ، فالله اقوى واكبر وهو خالق البشر ، فان البشر ان ينصروا الله ينصرهم باذنه ، وان نصرهم فلا غالب لهم في زمان تعيش فيه الامة بنكبة ونكسة اخلاقية بابتعادها عن دين الله الواحد القهار الديان.


احتل اليهود حائط البراق ليسموه حائط المبكى ويصلوا فيه ، سلبوا بقعة مقدسة للمسلمين ، هدموا باب المغاربة واصبح فتحة لاقحام السياح الاجانب اللا متطهرين ونسائهم عاريات لساحات الاقصى الطاهرة ، اقحموا اليهود المتدينين ليقيموا شعائرهم وطقوصهم الدينية رغم ان ذلك يثير مشاعر وحفيظة المسلمين ويستفزهم ، فتقوم الشرطة بحماية تلك الجماعات وتامين دخولهم وخروجهم من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حين تحدد جيل المصلين وتمنع الشبان من دخول المسجد واداء الصلاة وهم اصحاب هذا المكان ، هو اسلامي يخص كل مسلم هو بيت الله ليذكر ويرفع فيه اسم الله ، تمنعهم الشرطة رغم انهم مسلمين ، وان ادخلتهم فذلك بعد حجز هوياتهم او تسجيل اسمائهم وتستدعيهم للتحقيق ، وقد تلفق لهم تهما لتخيف ضعفاء القلوب وتقلب اسس حياتهم ومبادئهم ، لا يروق لهم رؤية حماسة الشباب وطاقتهم تنصب في مرضاة الله فتمنع دخولهم وليبحثوا لهم عن مكان اخر يقضون اوقاتهم فيه ويتوفر لهم البديل باسعار بخسة او بلا مقابل فانتشر الزنا واستعمال المخدرات بين اواسط الشباب ويبتعدوا عن الحق وسُلبت عقولهم، فيغرق المجتمع في شهواته الهابطة ويمضي مع نزواته الخليعة ، وفي ظل هذه الغفلة يستغل اصحاب العقول المديرة لهبوط المجتمع العربي الغفلة ليحققوا اهدافهم الا ان رجالا في بيت المقدس واكنافه ترسخ الايمان في قلوبهم ولم يدخلوا باب الشهوات الذي فتحته السلطات لاغوائهم بمساعدة شيطان رجيم، وقفوا للسلطات وصدوها ، كالشوكة في حلقها لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق ، والحق واحد لا يتعدد.


ديننا ليس مذهب اجتماعي وضعي ، انها عقيدة ربانية كاملة متكاملة ، نفدي ديننا بارواحنا ، فان زادنا في الدنيا الفانية تقوى الله وطاعته والابتعاد عن ما نهانا عنه ابتغاء مرضاته ، وما امرنا الله ننفذ ولو كلفنا ذلك انفسنا التي هي امانة اعطانا اياها الله فهو خلقنا واليه نرجع يوم لا ينفع مال ولا بنون ، والنصر لآت وليس النصر بالقومية، فان النصر عندما ننسى قوميتنا او نهمشها ونذكر عقيدتنا فننتصر تحت راية التوحيد ، نصر الروح على المادة.


تقول الثلة المؤمنة انها ستحافظ على مقدساتها واقصاها ، ولا يخيفها انها قلة او انها بدون عدة ، انما الذي يخيف ان ننسى انفسنا فلا تكون على صلح مع الله ، فان كانوا ربانيين مخلصين لله فسينتصروا ويحافظوا على مقدساتهم فالفتن الداخلية تكسر النفوس وتخذل الهمم ، والابنية الجماعية لا تنهار باسباب من خارجها لكنه النخر من الباطن.


الدفاع عن المقدسات بحاجة لتسخير الطاقات ، ولا يفيده ما تعيشه الامة اليوم من تشرذم وتفكك، هو سبب الهوان والذل الذي تعيشه الامة ، وان تعود لعزها الا بعودتها للاسلام ، وتوحدها تحت راية التوحيد وان لم يكن التوحد تحت راية الاسلام فسلام عليه اذ ان كلمة التوحيد فوق توحيد الكلمة وان توحدت كلماتهم تحت كلمة التوحيد فستنتصر الامة ان شاء الله ، فيقوموا على الحق ليدفعوا الباطل وينهضوا بالخير ليقضوا على الشر ، جعلوا نشاطهم في الارض عبادة ، لله ، حينها ينصرهم الله ويحافظوا على شرف المسلمين وعرضهم ، معززين مكرمين ، ويرحررون الاقصى من الاعتداء الغاشم الغاصب بعد ان حرروا انفسهم من الشهوات وعملوا في ميدان النفس وتوبتها وعندما نجحوا بهذه المهمة انتقلوا للمهمات الاخرى.


في القدس تداس القيم والحرمات بلا تحرج ولا حياء ، هتكت الاعراض وكشفت عورات المسلمين ، في القدس قتل ودمار وتشريد ، في القدس اعتقل رجل ونقلت الصحافة الخبر فظن العالم انه اعتيادي وما هو كذلك ، فانه اعتقل من بيته ليلا من على سرير الزوجية وقد تكون زوجته التي احلها الله له تنام في حضنه فدخلوا عليه بوحشية واخذوه منها وعورتها معروضة عليهم، وما اكثر حالات الاعتقال المشابهة وما اقسى ان تنتهك حرمة بيوت المسلمين وتكشف عورات نسائهم العفيفات الشريفات ، العابدات، المصليات، الصائمات والقائمات ، ما اقسى ذلك وما اشده عند الله تبارك وتعالى ، عند الله البارئ المصور العالم بما يسر البشر.


في القدس اغلق السوق بامر جندي لم يتجاوز العشرين زين كتفه ببندقية ملطخة بالدم العربي الزكي ، اغلق السوق المجار لباب الاقصى ليقيم اليهود المتدينة شعائرهم الدينية.


في القدس هدمت البيوت ومنع الترميم وارسلت المخالفات والغرامات ، في القدس محاولة تهجير وشراء الارض والبيوت والعرض بالمال ، ومن المواطنين ( وليس المستوطينين) مَن ينكسر ويغره المال فيقبل لتنتشر البيوت اليهودية والكنس وسط الاحياء الاسلامية.


في القدس مسجد اسرى اليه برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرج منه الى السماء ، المسجد الاقصى الذي يئن تحت وطئة الاحتلال، يمنع ترميمه ويحفر تحته لتهوي حجارة ساحاته وتتصدع حيطانه ، والاوقاف الاسلامية الاردنية تقول ان الامر تحت سيطرتها وتكتفي بتعيين مؤذن لا ادري كيف عين وما بصوته من عذوبة لجذب المصلين واعذب الصوت يقف جانبا يمنع الاذان لانه ليس من المقربين.


في القدس اطفال اتخذوا ساحة الاقصى ملعبا للكرة واخرى فلا مكان اخر لقضاء وقتهم وممارسة هذه الهواية والاقصى تعده البلدية منتزه عام يخدم سكان البلدة القديمة.


في القدس صوت الاذان يصدح ينادي المسلمين " حي على الصلاة" فقلة يلبون النداء واخرون يسبون الذات الالهية والدين واتبعوا شهواتهم الهوى على بعد امتار من الاقصى وعلى هوياتهم كتب مسلم ، فالاسلام ليس كلمة تقال باللسان وليس الاسلام وراثة لمن وُلِد في بيت ابوين مسلمين ، ولا ميلادا في ارض عليها لافتة اسلامية وعنوان اسلامي ، الاسلام هو دين كامل متكامل ، الاسلام هو خطة ومنهاج حياة ، الاسلام دين الله في الارض.


في القدس رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، همهم وهدفهم دخول الجنة وكسب رضى الله ، لا يحيدون ولن يحيدوا باذن الله ، عزموا رفع راية التوحيد ولو كره الكافرون ، وعن المسجد الاقصى مدافعين باغلى واثمن ما لديهم ، فحمايته من لب ايمانهم عقيدتهم نصروا الله العلي الكبير وينتظروا ان ينصرهم ، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

1 التعليقات:

السلام عليكم ورحمة الله,

في البداية قلتُ في نفسي : ما ليَ وللمقال..
لربما لطوله, حسبتُه ككثير مما أمرّ عليه يوميا

إلا أنني استمتعتُ بقراءتهِ
اسلوبُ الطرحِ موفق جدا

في الفقره الثانية لحظتُ خطئا املائيا , قد كتبتَ "موضوع" بدلا من "موضِع"

تذكرتها لأدرجها في ردي على تدوينتكم
الا ان الموضوع يحوي اخطاء املائيه اخرى
نرجو التحقق من الأمر لاحقا.. وفي جديد ما تدوّنون في المستقبل ان شاء الله

ايضا اعجبني توظيفُ "في القدس" .
ترددها وتكررها بين الجملة والأخرى لجذب القارىء اكثر ..وايصال الفكرة , والتاكيد

بارك الله فيك وفي مداد تخطّ به يمينكم خيرا

والسلام عليكم.

إرسال تعليق