تحت عين الرقيب

وَمَنْ يَتهَيّبُ صُعودَ الجِبالِ ..... يَعِشْ أبَدَ الدهْرِ بَيْنَ الحُفَرِ

شادي أبو مُخ - باقة الغربية
لمدينة القدس مكانة خاصة ، تسمى مركز التقاء الديانات الثلاث ، يعنون بقولهم البلدة القديمة ، ففي قلبها على صحن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المسجد الأقصى المبارك ، فيها كنيسة القيامة ، وما يدعونه حائط المبكى ، أي حائط البراق الإسلامي ، ساحة حائط البراق الغربية المبسوطة لم تكن كذلك سابقا ، قبل عام 67 ، إذ سكنت في بيوت تم هدمها عائلات حي الشرف ، عند باب المغاربة ، صمد الباب أربعون عاما، ليهدم سنة 2007 بغية إقامة جسر فخم يخدم مصالح السلطة الاسرائيلية " بتطوير " ملامح البلدة القديمة.
عام 67 غير معالم المدينة ، عكر صفو سماء رسمت على قبة ذهبية ، بدأت الدولة اليهودية ، كما تعرف نفسها ، بتنفيذ خطة لم تغفل عنها يوما ، بل أعدت لها وانتظرت لحظة تمكنها وتمكينها لاخراج الافكار حيز التنفيذ واقعا ، القدس الواحدة الموحدة عاصمة الدولة اليهودية ، رفضوا التقسيم المقترح والموجود منذ نكبة فلسطين ، رفضوا تسمية القدس الشرقية والقدس الغربية ، محتفلين سنويا بيوم توحيد القدس ، مطالبين الأيام نسيانهم ان نسوا أو فرطوا بذرة تراب من أرض القدس ، لتيقنهم بقدسية القدس وارتباطها بتاريخهم كما أرضعتهم أمهاتهم.
تصُب الحكومة أموالا طائلة للقيام بمشاريع تغير طابع المدينة الإسلامي ليشابه ادعائهم وتلمودهم ، صمت الدول وعدم تعقيبها منح السلطة الشرعية للاستمرار بالقيام بتنفيذ مدينة داوود ومرافقها على حساب المواطن المقدسي العربي ، توحيد القدس أعطى الضوء الأخضر للاستيطان شرقي القدس ، البؤرة والهدف البلدة القديمة وجوارها ، حي البستان وسلوان ، الشيخ جراح ، وادي الجوز وجبل الزيتون ، أضحت هدفا للجمعيات الاستيطانية ، مبالغ خيالية وشيكات مفتوحة تعرض على المواطنين مقابل بيت مساحته 40 مترا.
قبل بعض أصحاب القلوب المريضة ، رفض المبدئي واستفاق الغافل ليعلم أن مبالغ كهذه لا تدفع عبثا ، وأن بيته الحقير يساوي أكثر بكثير ، قيمته لا تقدر بثمن ، لا يساويها مال أو ذهب ، أيقن بسمو وعلو وتعقد قضية القدس الشائكة ، ليتأكد أن رفضه المال عزة وكرامة ، تمسكه ببيته قصة صمود ورباط امام وحش كاسر قوته المادة ، فيفشل برفضه تشكيل طوق قلبه الأقصى مرحليا ، هيكلا لاحقا.
أكتب هذه المقدمة البسيطة لتعوا أي مأساة وحقد طبقي في القدس بين السكان العرب ذاتهم ، رغم صعوبة مرحلتهم وحالهم .
قرر عدد كبير من سكان الخليل الانتقال للسكن في القدس ، ليعملوا ويجدوا لقمة عيشهم بعد تسليم الاردن اسرائيل مدينة القدس ، لاقوا بداية معارضة مقدسية إلا أنهم واجهوها واستمر تنقلهم ليفوق عددهم السكان الاصليين ، وليكون لهم لاحقا وحتى يومنا دور بالحفاظ على ما تبقى من القدس اذ للمسكن والأرض مكانة خاصة عندهم.
يحدثني أحدهم ، ومثله كثر ، أنه جاء في السبعينيات من الخليل للقدس مع عائلته وكان شابا ، عائلة مباركة الأولاد ، استأجروا بيتا في القدس ، عملوا وكدوا ليجمعوا مبلغا من المال مكنهم شراء قطعة أرض وبناء عمارة ليتزوج واخوته ويسكنوها ، لاقوا مضايقة من جيرانهم لانهم " الخلايلة " الوحيدين" في الحي ، الا أنهم صبروا حتى اعتاد عليهم السكان وازداد عدد الخلايلة حولهم.
كبر أولاده واراد شراء بيت ليزوجهم ، أقدم ليرد خائبا ويصدم باجابة لم يتوقعها بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما ، فقد قال له صاحب البيت ، مقدسي الأصل ( ولا أعمم كلامي على أهل القدس كافة ، بل هي ثلة تمسكت بعصبية نتنة منتنة مذمومة ) ، أفضل بيع المستوطن اليهودي لا بيعك أنت لانك خليل الأصل !! صدم وذهل ، فأين الاخوة والناس سواسية ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، كأن ابن الخليل قدم من الفضاء أو أقل قدر ودرجة من المقدسي !
تابع وقال أن بعض المقادسة يعلنون بلا حياء أو خجل ، لن نزوج بناتنا للخلايلة ولن نتزوج بناتهم !!
ألهذا الحد وصلنا ! الهذا الانحطاط ! أين العدل الاجتماعي والمساواة ؟! أين الدين والأخلاق ! أونسأل ما بال الأقصى حزين خالٍ من المصلين ! أنبكي القدس ولا يبكيها ولدها ! من أين يأتي النصر ولم يرحم أحد أخاه ! كيف يمنع هدم البيوت أن لم يكن أهل القدس كالجسد الواحد !ولا حول ولا قوة الا بالله .

3 التعليقات:

بارك الله فيك على هذه المقدمة التي ليست بسيطة ولكنها عميق .. فك الله أسر القدس .. تحياتي لك.

بارك الله فيك اخي موضوع يستحق الوقف بجانبة والتامل به لنجد حالا لهذه المشكلة.... لا يتحرر المسجد الاقصى نغير ما بقلوبنا اتجاه اخواننا المسلمين...لا يغير الله حالنا حتى نصدق مع انفسنا.. جزاك الله خيرا

والله عمي ابو داوود انا قلتها واكررها.. من أبرز اسباب نكبة القدس هو أهلها

إرسال تعليق